الجدل حول لقاء كارتر ومشعل

TT

يدور جدل كبير حول لقاء الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، وقائد حركة «حماس» خالد مشعل. كارتر يقول إنه سيسعى خلال لقائه زعيم حماس في دمشق إلى إقناعه بالموافقة على الحل السلمي مع إسرائيل وفتح.

وكلنا يعرف أن السعوديين حاولوا رأب الصدع الفلسطيني في اتفاق مكة، وبعد أغلظ الأيمان والخطب العاطفية التي رأيناها وسمعناها في مكة المكرمة قادت حماس بقيادة خالد مشعل انقلابا بالسلاح في غزة على السلطة الفلسطينية. وتحايلت حماس على المحاولات المصرية واليمنية، بل وتحولت غزة كلها، بقيادة حماس، إلى جبهة ضغط مفتوحة على مصر.

اجتماع كارتر ومشعل، لا يمكن تفسيره إلا بمناكفة أميركية، لن تكون ذات جدوى على المنطقة والقضية الفلسطينية، بل قد تقود إلى تأزم أكبر في المنطقة. فلا يوجد ما يوحي بأن حماس، وبقيادة خالد مشعل، قد تلتزم بحل يوحد الجهود الفلسطينية.

ومن الواضح أن جيمي كارتر لم يستوعب أن خالد مشعل قام بانقلاب على نظام حكم ديموقراطي جاء بالانتخابات، وقبله قادت حماس انقلابا أخطر في المفاهيم، حيث أعلنت رفض اتفاقية أوسلو، مما يعني العودة إلى المربع الأول في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

مشكلة خالد مشعل الحقيقية أنه يطمح إلى هدنة مع إسرائيل أكثر من رؤية دولة فلسطينية، ولا يسعى إلى إنهاء أزمة أهالي غزة، بقدر سعيه إلى تشكيل جبهة ضاغطة على مصر، تخدم أهدافا بعيدة عن القضية الفلسطينية.

يعيش السيد خالد مشعل آمنا في دمشق مشغولا بحفظ تحالفات حماس مع إيران وسورية أكثر من انشغاله بتوحيد الصف الفلسطيني، مثله مثل باقي قيادات حماس التي اختفت خوفا من الاستهداف الإسرائيلي لها، وتركت أبناء غزة يواجهون العدوان الإسرائيلي، فأين إسماعيل هنية اليوم؟

لقاء كارتر بخالد مشعل قد يضر القضية الفلسطينية، والصلح الفلسطيني ـ الفلسطيني أكثر مما يفيده، وعلينا تذكر لقاء رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي مع الرئيس بشار الأسد، في العاصمة السورية، بعد سيطرة الديموقراطيين على الكونغرس الأميركي. فعلى أثر ذلك أصيبت المنطقة كلها بالهبوط المفاجئ، حيث تلقت دمشق رسالة خاطئة، وتصرفت على أثرها في العراق ولبنان، وفلسطين، ومعها إيران، وسجلت نكسات جديدة في كامل المنطقة، حيث توقع التحالف السوري ـ الإيراني، والتابعون له من حزب الله وحماس، بأن الرئيس بوش أصبح بطة عرجاء، وأنه بات بوسعهم تطبيق أجندتهم.

الأمر نفسه اليوم ينطبق على لقاء مشعل بكارتر، وسينتهي مناكفة أميركية سيستغلها مشعل إعلاميا، وتعطي إشارة خاطئة لحماس وغيرها، على أمل أن قدوم الديموقراطيين سيصب في مصلحة حماس وسورية وإيران.

وهذا يعني استمرار الانشقاق الفلسطيني ـ الفلسطيني، ويمنح أملا للدول الراغبة في زعزعة المنطقة، كما سيمنح الإسرائيليين فرصة للضغط على القادمين للبيت الأبيض، جمهوريين أو ديموقراطيين، لاتخاذ مواقف متشددة من القضية الفلسطينية تزيد الأمور تعقيدا.

[email protected]