عندهم (بلاسيبو) وعندنا (بو) (1 ـ 2)

TT

كنت في مدينة بخارى. وكان الجو بارداً جليدياً. الأرض كلها بيضاء ولا توجد لغة بيننا إلا شاباً مرشداً لا يعرف من اللغة الإنجليزية إلا مصادر الأفعال فقط. فيقول: ذهاب.. خروج.. دخول.. نزول..

ورأيت عدداً من المساجد المغلقة تماماً كأن أحداً لم يدخلها، وكان مرافقي مسلماً. سألني: هل تصلي كل يوم؟ قلت: نعم. فعاد يقول: كل يوم؟.. فقلت: نعم وخمس مرات.

فسأل مندهشاً: خمس مرات في اليوم.. وهل تعملون؟

وكما ترى ليست لديه أية معلومات عن الإسلام رغم أنه مسلم. وأن بلده هو بلد البخاري راوية الأحاديث النبوية!

ثم عاد يسألني: تشربون؟ فقلت: ماذا؟ قال: الويسكي. فقلت : لا، وأسئلة أخرى غريبة.. وفي أحد المساجد التي فتحوها بالقوة وكانت الأبواب ملتصقة تماماً.. دخلت وتفرجت على النقوش الإسلامية. وقرأت الآيات على الجدران ولم أصدق أن في إحدى الآيات خطأ. وتأكدت من أنها فعلا خطأ. وقررت أن أقرأ آيات أخرى. فكيف لم يلاحظ أحد ذلك. الآية المكتوبة على الجدران تقول: «إنما يعمر مساجد الله من (آمنوا) بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله». والصحيح هو : من (آمن) بالله..

وتلفت يمينا وشمالا لم أجد ما أكتبه. أو الذي وجدته شيء قليل ورحت أتمشى في الفندق فوجدت غرفة مكتوبا عليها: الطبيب. وبسرعة اتجهت ودخلت فكانت طبيبة روسية. أشارت أن أجلس وسألتني بلغة إنجليزية: ما شكواك: فقلت: هنا وهنا وهنا ودرجة حرارتي مرتفعة وعندي التهاب في الحلق ومغص.

ولم يظهر على وجهها ما يدل على الاهتمام. وإنما فتحت درجاً وأخرجت كيساً صغيراً من الورق. وأعطتني قرصاً. وطلبت أن أعود إليها في اليوم التالي.. وعدت إليها وسألتني وقالت: كيف حالك؟ قلت الحمد لله كويس. وضحكت وسألتها. فقالت: لا يمكن أن تكون عندك كل هذه الأوجاع وتمشي على قدميك.. فقلت: بعضها. فكيف يعالجها قرص واحد!

وسمعت لأول مرة كلمة (بلاسيبو) أي دواء بديل عن كل الأدوية. أو قرص من مسحوق السكر لإيهام المريض بأنه دواء وهو ليس دواء من أي نوع.

وهي ليست خدعة وإنما هو نوع من الإيهام وأخذ المريض على قدر عقله.. وضحكت. وكنت أبحث عن شيء أكتبه. ووجدته!