برنامج الزواج الصحي

TT

قرار مجلس الوزراء السعودي الأخير بتطوير برنامج الزواج الصحي بإضافة فحوص الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي إلى البرنامج ورصد حالات عدم التوافق الصحي ومتابعتها، خطوة واعية لنشوء أسر تنعم بالصحة والاستقرار والسعادة.. ولعلي أتطلع، ومثلي كثيرون، إلى إضافة فحوصات الإدمان والصحة النفسية للراغبين في الزواج؛ فالمخدرات تمثل الخطر الأكبر الذي يهدد الكثير من الأسر، ومن حق المجتمع أن يحمي أفراده من الاقتران بشريك مدمن يمكن أن يحول الأحلام الجميلة إلى كوابيس مزعجة، فالإدمان العدو رقم 1 للاستقرار الأسري، وما أكثر الزوجات بل الأسر التي شقيت بأزواج مدمنين، ولم تكتشف حالات إدمانهم إلا بعد إنجاب أطفال يضافون إلى قوائم ضحايا البيوت المهدمة، وفي ملفات السجون ومستشفيات الأمل الكثير من المؤشرات التي تعكس حجم المعاناة.

وللأمراض النفسية أيضا خطورتها على الزواج، وعلى الأسرة بصورة عامة. فحالات العنف الأسري التي تتزايد هذه الأيام ترجع نسبة منها إلى الأمراض النفسية التي يعاني منها الآباء أو الأمهات، والتأكد من الصحة النفسية للمتقدمين للزواج مسألة هامة جدا لتقدير مدى الكفاءة اللازمة لكل متقدم لتكوين أسرة، وما يترتب على هذا التكوين بعد ذلك من مسؤوليات تربوية تتوقف عليها مصائر أطفال أبرياء.. وأعرف قصة امرأة تزوجت من مريض نفسي عانت الويلات من حالات اعتداء جسدي متوحش، وهي تحاول أن تنجو بنفسها وأطفالها من قسوة المصير.

وكنت أتمنى في مواجهة نسب الطلاق المرتفعة في مجتمعنا، أن نرعى ونشجع عقد دورات قصيرة اختيارية للراغبين في الزواج من قبل جهات نفسية واجتماعية متخصصة، فتعميق وانتشار الثقافة المتصلة بالزواج مطلب إنساني لحماية المؤسسات الزوجية من الانهيار، فالواقع يؤكد أن ثمة مفاهيم خاطئة يحملها البعض حول أساليب التعامل مع شريكة الحياة، لا تضع في اعتبارها المتغيرات التي تعيشها المرأة في ظلال التعلم والعمل ومستويات الوعي.

فإذا كان عدد المتقدمين للزواج كل عام يصل إلى ربع مليون تقريبا، تصل نسبة الطلاق بينهم بعد ذلك في بعض المناطق إلى نحو 45% فإنه يمكننا تصور حجم الكارثة الاجتماعية التي ينبغي مواجهتها بمختلف الخبرات السيكولوجية والاجتماعية لمنع أو تقليل تلك الانهيارات. فالأسرة هي أهم دوائر المجتمع وأكثرها خطورة، والوصول إلى مجتمع سعيد يتطلب بناء أسر سعيدة.

ثقتي كبيرة بأن تتسع أغراض برنامج «الزواج الصحي» المطبق حاليا فيتحول إلى برنامج «الزواج السعيد».. ولأجيالنا الجديدة أمنيات بحياة أكثر محبة ومودة وتراحما.

[email protected]