لماذا الخوف من لقاء كارتر مشعل؟

TT

عندما كان جيمي كارتر رئيسا للولايات المتحدة كان جورج دبليو بوش مجرد طالب في الجامعة. اليوم يزور الجد كارتر منطقتنا رغما عن بوش الرئيس، الذي انتقدت وزارة خارجيته الرحلة لأنه سيلتقي خلالها قيادات حماس ومن بينها خالد مشعل.

فهل مقابلة مشعل مشكلة بحد ذاتها؟ الحقيقة ان الاميركيين يبالغون في لوم كارتر، وفي مقاطعة زعيم حماس. فهو فعليا يملك القليل حتى يلام عليه، بحكم ان معظم قرارات حماس صارت تدار من الخارج، أعني من خارج الساحة الفلسطينية، مثل ايران.

مشعل انشغل بحفل زواج ابنته، وهي مناسبة نبارك له ولعائلته فيها، عن الاتصالات الهاتفية التي ارادت تحذيره من توريط حماس في نزاع عسكري مع المصريين. فقد آثر عدم الرد على ان يلتزم بتعهدات قد لا ترضي الجيران في طهران. ومشعل يعرف، اكثر من بقية قيادات حماس، طبيعة الصراع الاقليمي، حيث عاش في الكويت 23 عاما لم يغادرها إلا بعد غزو صدام. وبالتالي ما الذي سيقوله كارتر يمكن ان يضيف الى مفاهيم مشعل ويغير تفكيره، واذا غير رأيه ما الذي يستطيع ان يفعله بعد أن صار القرار الفلسطيني مختطفا؟ وبالتالي فهذا لقاء بين رجلين، الاول شجاع مثل كارتر، رئيس متقاعد لا يملك سلطة، بآخر، أيضا شجاع مثل مشعل، لا يملك قرارا.

عرفنا كارتر كأفضل زعيم اميركي سعى ليكون اكثر عدلا في تعاطيه النزاع العربي ـ الاسرائيلي، بما كانت تسمح به الظروف السياسية. واتصور انه لولا كارتر ربما ما انتهت كامب ديفيد المصرية ـ الاسرائيلية بالاتفاق الذي اعطى المصريين كل ما طلبوه. لكن كارتر، الذي يوصف بالرئيس الضعيف، لا يتزعم تيارا سياسيا في بلاده ولا ينتمي الى تجمعات ضغط مهمة، وكل رأسماله سمعته الجيدة كرجل محب للسلام والفقراء.

ولا يزال يلام على تساهله مع الخمينيين في ايران إبان الثورة. فهناك من يعتقد ان كارتر، وان كان محقا في التخلي عن دعم الشاه رضا بهلوي، إلا انه اخطأ في عدم دعم العسكر وتسليمهم الحكم وبالتالي اغلاق الطريق امام رجال الدين. فقد آثر كارتر، منذ عام 77 بعد اندلاع المظاهرات في طهران، الوقوف على الحياد وترك الايرانيين يقررون مصيرهم. وبدل ان يقدر الثوار الجدد موقف كارتر أهانوه مرتين، واحدة بأخذ 52 موظفا في سفارته في طهران رهائن 444 يوما، والثانية اطلقوا سراحهم احتفالا بخروجه من البيت الابيض، ليكتشف الايرانيون ان خلافة رونالد ريغان كانت جهنّم مقارنة بجنة كارتر.

أما لماذا يأتي كارتر الان، فالتفسير الوحيد هو انه يريد ان يتذكره الناس بهذا الموقف المعتدل مهما اثار من غضب. فقد أثار كتابه الاخير «فلسطين السلام، لا العنصرية» حنق مؤيدي اسرائيل، لانه هاجمها، ووصفها بالاستعمار الذي افسد السلام. ومنذ ان صدر كتابه قبل عامين وكارتر محط الجدل، لتجيء زيارته فتضيف جدلا جديدا.

[email protected]