مصر خط أحمر

TT

مهم أن يعي المصريون أنفسهم قبل أي أحد آخر أن مصر خط أحمر، ولا ينبغي التساهل أبدا مع تعريض أمنها وحدودها للعبة الاقليمية الدائرة في المنطقة. مصر دولة ذات ثقل، حرباً وسلماً. كما أنها ذات ثقل ثقافي لا يمكن تجاهل أثره في العالم العربي. ويجب ان تكون خطا أحمر، وعلى قيادات «حماس» معرفة ذلك، وفهمه، قولاً وعملاً. فما تتعرض له مصر هذه الأيام يجعل المراقب حائرا من تشابك القضايا الداخلية والخارجية، والتي من الواضح انها تستهدف زعزعة استقرار مصر.

غلاء المعيشة، وارتفاع الاسعار، ليسا بالأمر الحصري على مصر، بل هما أزمة تضرب قرابة ثلاثا وثلاثين دولة حول العالم، فلماذا تحرق مصر بسبب غلاء المعيشة؟ ولماذا تصبح معركة الديموقراطية سرادق عزاء في مصر كلما حدث تطور في المنطقة؟

الإخوان المسلمون، مثلا، عدا عن أنهم قاموا بتنظيم تدريبات عسكرية داخل مصر قالوا إنها لا تعدو أن تكون «لعب عيال»، وعدا عن انهم قاموا بإعداد مسودة إصلاح دستوري تعني إحراق مصر من الداخل، يكفي فقط الاطلاع على بيانهم حيال القمة العربية في دمشق، الذي بثته وكالة انباء الجمهورية الاسلامية (ارنا).

ومن أبرز ما جاء في بيان الاخوان المسلمين للزعماء العرب أن «معالجة قضايا الأمة العربية تستلزم تضافر كافه الجهود وتكاتف كل القوى، كما تحتاج إلى إرادة قوية وصلبة من القادة والزعماء العرب، كما أن دعم المقاومة كحق مشروع ضد الاحتلال في فلسطين والعراق وافغانستان، فضلا عن فك الحصار ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، يتطلبان وقفة جادة».

وهذا كلام فضفاض أهم ما فيه الحديث عن فك الحصار عن غزة والذي يريد الاخوان، و«حماس»، جعله حصارا لمصر، وقيادتها.

يفعل الإخوان ذلك بدلاً من أن يوجه السؤال إلى قادة «حماس»، الفارين عن المواجهة مع العدوان الاسرائيلي، حول المغزى من عملية «حقل الموت» بالقرب من خط أنابيب حدودي للوقود، بالتزامن مع الاعلان عن السماح بنقل الوقود إلى غزة. فهل السبب هو من أجل إطالة أمد معاناة الغزاويين، وإلقاء اللوم على مصر بأنها هي من يحاصر غزة؟

عندما نقول إن مصر خط أحمر، فالمقصود هو أن على جميع الدول المعنية، عربيا، وغربيا، إدراك ما يحاك من أجل زعزعة أمن مصر واستقرارها، فالإعلام التابع لسورية وإيران في لبنان يروج لشائعات انقسام قيادي مصري حول «حماس».

و«حماس» تواصل تضليل الرأي العام بدلا من ان تقوم بواجباتها تجاه أهل غزة وتجنيبهم ويلات الحرب، ولو ليحتفلوا بزفاف ابنة زعيمهم خالد مشعل في دمشق في الوقت الذي يزفون فيه إلى محرقة العدوان الاسرائيلي!

لمصر دور محوري مهم، وتقف مصر والسعودية صفا بصف ضد تحويل العالم العربي إلى ساحة عبث سوري ـ ايراني، ولذلك يحاول البعض تطويق مصر بالأزمات الداخلية والخارجية، وللأسف ان بعض ما يحاك ضد القاهرة يتم من داخلها تحت شعارات مقبولة اجتماعيا، لكن المغزى منها مخالف تماما لما يبدو.

[email protected]