حول نداء الوزيرة

TT

أعادنا تصريح وزيرة خارجية اسرائيل تسيبي ليفني في الدوحة القائل «إن اسرائيل ليست عدوا للعرب بل إيران هي العدو الحقيقي».. أعادنا قليلاً إلى بعض ما مضى. كنت هنا في باريس عام 1977 عندما اخترق أنور السادات جميع جدران التاريخ وحواجز الأرض، لكي يسافر، أمام ذهول العالم أجمع، لا إلى تل أبيب بل إلى القدس. نزل من الطائرة متعرق الجبين، غير أكيد إذا كان في إمكانه العودة إلى مصر أم لا، مذرا في الرماد حروب مصر وشهداءها، تاركا خلفه جميع شعارات الثورة والضباط الأحرار، فماذا وَمن وجد أمامه؟ تذكروا الصورة جيدا: مناحم بيغن ومن حوله «التاريخيون»، يعنِّفون حاكم مصر القادم مباشرة إلى القدس، ويؤنبونه، ويذكرِّونه بما فعلت مصر وفعل العرب ضد الدولة المسالمة.

حاول السادات البحث مع عامود من الاسمنت، يدعى بيغن، في تسوية للجميع تمهد لدولة فلسطينية وحل عام. ولم يوقع عامود الاسمنت سوى ما يتعلق بمصر. وكان يدعمه آنذاك جيمي كارتر الطامح إلى التجديد والذي اختار يهوديين اميركيين لدور المشرفين تأكيدا على انه موضوع ثقة.

خسر السادات العرب ولم يكسب العرب شيئاً. ثم جاء ياسر عرفات، الذي دعا من قبل إلى قتل السادات، ووضع كل تاريخه وكل سيرته وكل مصيره، على رهان التسوية في أوسلو. وكان في مواجهته ثلاثة: اسحق رابين، وهو يحترم كلمته، وشمعون بيريز وهو يقول كل الاشياء لكي لا يقول شيئاً، وبيل كلينتون، الذي أراد دخول التاريخ من بوابة الشرق الأوسط لأنه لم يكن أمامه همّ التجديد.

ماذا حدث؟ قتل الاسرائيليون اسحق رابين، ووضعوا في وجه ياسر عرفات بنيامين نتانياهو وارييل شارون. وذهب شارون إلى المسجد الأقصى. وتحول ياسر عرفات إلى أسير في رام الله، يرفض جورج بوش لقاءه، مع انه استقبل شارون اربع مرات. وفقد ابو عمار الدعم العربي بسبب اوسلو، ثم اكتشف ان نتانياهو يرفض ان يقابله حتى في واشنطن.. حيث تم وضع مونيكا لوينسكي في طريق كلينتون في الرواق الشمالي.

بعد تجربة السادات وعرفات يجب على وزيرة خارجية اسرائيل ان تبحث هذه المرة عن اسرائيلي «شجاع» يكون واثقا من أنه إذا إعلن نهاية حالة العداء فلن يكون يغآل عمير في انتظاره من الخلف!