حاولت ولم أنجح.. ولن!

TT

ظللت ألعن اثنين من أساتذتي. أحدهما مدرس الألعاب الرياضية والثاني مدرس الموسيقى. فمدرس الألعاب هو الذي صرفني عن المشاركة في اللعب مع زملائي. بدعوى أنها لعب وإضاعة للوقت.

ومن الأفضل أن أقرأ كتاباً، أما هؤلاء اللاعبون فتلامذة لا أمل فيهم. وقد شاركت في كل الألعاب المدرسية، ولما لم أجد تشجيعاً توقفت ولم أشارك حتى بالفرجة على زملائي. والآن لا أمارس أي نوع من أنواع الرياضة، بما في ذلك المشي. ولكي أكون دقيقاً فإنني أمارس المشي يومياً من غرفة النوم إلى مكتبي والعكس عشرات المرات. (ملحوظة: مكتبي في البيت وليس في الصحيفة التي أعمل بها).

ومدرس الموسيقى وزع الأجهزة على الزملاء. وكان من نصيبي آلة الفلوت. لماذا لا أعرف، صحيح ليس في بيتنا بيانو مثل بعض الزملاء ولو أعطاني البيانو لكان المستحيل. فلن أستطيع ممارسة العزف عليه، لأنه يحتاج إلى تدريب مكثف. وليس ذلك يسيرا على من لا يجده في بيته. ولم يشأ أن يعطيني الكمان أو العود أو القانون أو حتى الطبلة. ولم أجد أية متعة في النفخ في الفلوت.. ولا أذكر في إحدى الحفلات المدرسية أن التفت أحد إلى صوت الفلوت.

وإنما اتجهت الآذان إلى الطبلة وأدوات النفخ النحاسية وإلى صوت القيثارة. وشجعني مدرس الموسيقى على أن أكف عن هذه الآلة السخيفة، وقال لي هذه الحكمة: يا ابني بدلا من النفخ في الهواء اقرأ لك كتاباً ينفعك. أما هؤلاء الأولاد فلا أمل فيهم!

وإذا استمعت إلى فرق موسيقية فإنني انبهر بهذه القدرة الفذة على العزف.. وأرى أن اللاعب على البيانو ساحر.. كيف تتحرك أصابعه بهذه السرعة على الأصابع البيضاء والسوداء للبيانو. كيف تقرأ أصابعه النوتة كيف.. سحر؟ نعم. وسألت أحد العازفين قال لي: تماماً كما تكتب فأنت تركب الحروف جملا ومقالا وقصة ورواية وقصيدة.. كيف؟ إنها نفس المقدرة، ولم أستوعب ما قال فأنا مبهور مفتون مأخوذ وبس.

وحاولت في سن متأخرة أن اقتني بيانو. وقرأت عن العازفين الكبار وكيف تدربوا وعاشوا وأبدعوا. ولكن وجدت الطريق وعرا وطويلا وأنا لا أجيد أي عمل يدوي. والعزف على الآلات الموسيقية ليس عملا يدويا فقط، وإنما عمل عقلي: عشق وإدمان. أما كل ممارساتي فهي في الصحو واليقظة حتى الأرق!