ممارسات العقيدة البيئية تناقض جوهر حماية البيئة

TT

حماية البيئة تطورت من موضة هستيرية تجتاح العالم الى Cult أي «عقيدة» يهدد ايمان اليسار بها اساس الديموقراطية وهو حرية الفرد.

بالعقيدة أو المذهب الديني يقبله الانسان بقلبه من دون المرور بعقله، فالايمان امر لا يخضع لجدل المنطق أو لبراهين المختبرات العلمية.

فالعلماء يناقشون ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن لم يثبت بعد اسبابها بالدليل العلمي القاطع؛ واكثرية نشطاء البيئة «يؤمنون» مثلا بمسؤولية محرك السيارة عن التغيرات المناخية من دون مناقشة عقلانية للأدلة والادلة المضادة. بعد نشر نظريات تشارلز داروين واسحق نيوتين، اعتنق مثقفو عصري التنوير والقرن 20 العلم «عقيدة» واعتبروا رفض البحث العلمي كفرا. وبعده جاء التحليل النفسي كـ«دين» الطبقة الوسطى وكافر كل من لا يرقد على اريكة المحلل النفسي أو يرى العالم بغير عيون المدارس السيكولوجية.

والبيئية Environmentalism Cult هي ديانة مثقفي القرن 21 يروجها مدعو النبوة اليساريون المتغلغلون في الاعلام، وينشرونها بسيف القانون في يد حكومة العمال وباستجابة الساسة الانتهازيين للهتافات الغوغائية.

ترد الجماهير المخدوعة «آمين» وراء السياسي المتبيئ (بتشديد الياء) فيصدر قوانين تجبر الفرد على ممارسة طقوس البيئية. «فتاوي» مشايخ اليسار تجبر «المشككين» في الأدلة العلمية للبيئية على الصمت، خشية اتهامهم بالكفر بالمذهب السريع الانتشار وعقاب المرتد عذاب المخالفات والغرامات الأليم.

ومثلما استغل المشعوذون سذاجة مرتادي الموالد ليبيعوهم احجبة ضد «عين الحسود»، يستغل كهنة البيئية ـ البيروقراطيون المهوسون بحب السيطرة ـ التهافت على مذهبهم لخنق حرية الفرد وجبي ضرائب اضافية.

الضرائب التعسفية (التصاعدية حسب حجم السيارة) سيف مسلط على رقبة رب الأسرة لحرمانه من حقه الديموقراطي في حرية اختيار السيارة المناسبة لعدد الاولاد.

منح كهنوت البيئية وكالات الطفيليين تفويضا فاشيا بتحصيل الغرامات من اصحاب السيارات، وتقاسم الدخل مع خزانة المجلس البلدي.

الأم العاملة المضطرة لتوصيل اولادها للمدرسة تنظر حولها في رعب من يتوقع طرق الجستابو بابه فجرا، خشية زبانية وكالة غرامات المرور؛ وفور ان تدير ظهرها لتأمين عبور الأطفال للطريق، ينقض القوميسار الهتلري من مخبئه مصوبا المخالفة نحو السيارة، والغرامة تفوق المكسب اليومي لرب الأسرة. الحقد الطبقي للفكر اليساري مركب في فلسفة الدعوة البيئية لتفتح ممارسات «الاخوان البيئيين» فصلا جديدا في الصراع الطبقي.

فربة اسرة متعددة الأطفال مضطرة لقيادة سيارة كبيرة، فيصنفها الاصوليون البيئيون في طبقة الاغنياء المستغلة (بكسر اللام)، كهدف مشروع لانتقام الطبقات المستغلة (بفتح اللام).

يبدأ الانتقام بإثقال كاهل رب الأسرة بغرامات وضرائب لمجرد امتلاك السيارة لا لقيادتها بفرض رسوم اضافة للضرائب المحلية الباهظة لمجرد ركن السيارة (أي عندما لا تدور فلا تلوث البيئة) امام المنزل وردع الاسر عن شراء سيارة سيزيد البطالة بين عمال صناعة السيارات؛ لكن أغلب دعاة البيئية مثقفون ميسورون لا يلوثون أياديهم بشحم المصانع.

وبعكس عقيدتي العلم، ثم التحليل النفسي الفردية الطابع، تتسم ملامح البيئية بالهستريا الجماعية، يحاول اصوليوها فرضها بالقوة على المجتمع بانتهاجهم أسلوبا «جهاديا» لإصلاح ما يرونه «منكرا» بيئيا.

وكما وضع المتطرفون المدافعون عن حقوق الحيوان القنابل في المختبرات الطبية، التي تستخدم الحيوانات في التجارب الدوائية، يتخذ جهاد «الاخوان البيئيين» طابع العنف.

بعد اعلان عمدة لندن اليساري، كين «الاحمر» ليفنغستون الجهاد على العدو الأول للديانة البيئية، اي السيارات الكبيرة ـ بصرف النظر عن عدد افراد الاسرة ـ بفرض رسم يومي يرتفع لـ25 جنيها (50 دولارا) نشطت خلايا الجماعات الاصولية البيئية النائمة. يجوب الاصوليون البيئيون المناطق التي يعتبرها كين «الاحمر» واليساريون «ثرية» ـ وذنب سكانها عدم التصويت لحزب العمال ـ مسلحين بآلات حادة كـ«مبرد» اظافر السيدات ويرون السيارة «منكرا» يصلحونه بيدهم الممسكة بأداة حادة تخدش السيارة، او تحطم مرآتها وتمزق أطرها مما يكلف صاحبها ـ اوشوفير يعمل عليها ـ مئات الجنيهات.

الاخوان البيئيون يناهضون العولمة ويرونها، مع حرية الاختيار الفردي، الجناحين اللذين يحلق بهما شيطان الكفر فوق المجتمع لتضليله وغوايته بعيدا عن استقامة البيئية.

من تناقضات مثقفي الاصولية البيئية مقاطعتهم مثلا لشركات كستار بكس لـ«استغلالها مزارعي البن في العالم الثالث»، وكشركات الملابس لـ«استغلالها عمال كوريا»، وفي لقائاتهم المسائية للطقوس البيئية وترتيب مظاهرة ضد العولمة، يستهلكون المخدرات والكوكايين ليزيدوا ارباح عصابات كولومبيا. فمن اسس فلسفة اليسار بوهيمية التمرد على ثوابت المجتمع (مذيعة شهيرة في البي بي سي وايقونة لليسار والحركة النسوية، وصفت الزواج بـ«دعارة يبيحها القانون»)

صحف اليسار تروج لاستهلاك منتجات الدواجن Free -range «الحلال بيئيا» من مزارع هواء طلق، ولا يقدر على شرائها الا قراؤهم الميسورون، في اشارة علنية لاحتقارهم للفقراء المضطرين لشراء دواجن البطاريات والاطعمة الرخيصة.

وككثير من المذاهب، لاتستند البيئية إلى منطق العقل فتقود الجماعة في طريق يعتبر الخروج عنه كفرا ليقع المجتمع في فخ الشمولية، حارما الفرد حريتي الاختيار والتعبير، وينسحق تحت سيطرة بيروقراطيات تقتل الابداع وتلحق بالبئية اضرارا اكثر فداحة.

مصلحة مواصلات لندن التي يترأسها كين «الاحمر» تمارس «جهادها» البيئي ضد العدو (اي السيارة) بغرس الف اشارة مرور جديدة سنويا.

كل اشارة تزيد مدة انتظار السيارة ومحركها دائر بمتوسط 100 ثانية في دورة من ثلاث دقائق. الثابت علميا زيادة العادم من وقود المحرك الف في المائة عند التوقف في الاشارة.

المحركات القديمة كسيارتي (مرسيديس عمرها 22 عاما،) دخلت لائحة «الكفار» بالبيئية. ومن دون قرض باهظ الفائدة لا قدرة لي على شراء سيارة جديدة «حلال بيئيا»، فإما أن ادفع رسوما فادحة لركنها امام المنزل، او تتشعبط زوجتي بحاجياتها من السوق وطفليها في الحافلة.

أوليس تحويل سيارات قديمة صالحة للعمل الى خردة اضرارا بالبيئة؟

كما ان تصنيع سيارات جديدة بدل القديمة، استهلاك غير ضروري للمواد الخام والبيئة. بعض نماذج لتحول دعوة نبيلة الى ايديولوجية شمولية شريرة تناقض جوهر الدعوة نفسها.