ظواهري حسب الطلب

TT

بات الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري متاحا للتعليق الإعلامي، حسب الطلب. فهو يخرج لنا متحدثا عن أزمة الرسوم الكارتونية، والإساءة للدين الإسلامي، وعن مستجدات القضية الفلسطينية وحصار غزة، وصولا إلى العراق، ولم تفت الظواهري حتى أزمة غلاء المعيشة!

لكن أخطر ما تحدث به الظواهري في عموده الإنترنتي الأخير هو ما اعتبره صبا للزيت على النار المشتعلة أصلا، حين قال إن أهداف إيران واضحة وهي «ضم جنوب العراق وشرق الجزيرة والتمدد للتواصل مع أتباعها في جنوب لبنان».

خطورة حديث الظواهري أنه يأتي مع توتر شديد في المنطقة، أحد أهم أسبابه التمدد الإيراني غير المسبوق منذ عهد الشاه. وبذلك يريد الظواهري اللعب على الوتر الطائفي، وهذه مسألة لا بد من التنبه لها، ورفضها، وعدم الانجرار لها على الإطلاق.

فالخلاف مع إيران، والعمل ضد توغلها داخل الدول العربية، ولعبها بالتركيبة الاجتماعية لتلك الدول، بأساليب باتت مكشوفة، لا يمكن أن يبرر كل ما يقوله الظواهري على الإطلاق، بل ولا يبرر تهديده ووعيده لطهران.

الظواهري إرهابي. ويجب ألا ننسى ذلك. لكننا أمام درس مهم، وهو أن اللعب بنار الإرهاب، والطائفية، والأقليات، دائما ما يحرق يد من يستخدمه، ويستسهل اللعب به من أجل تحقيق مآرب له. والسؤال هنا: هل تتعلم طهران من هذا الدرس؟

كثير من التقارير أوردت أن بعضا من عناصر «القاعدة»، وأبناء أسامة بن لادن لجأوا إلى طهران بعد سقوط نظام طالبان، كما أن معلومات أمنية قد ذكرت أن إشارة تفجير المحيا في الرياض جاءت من سيف العدل من إيران.

واليوم ها هو الظواهري، الرجل الثاني في «القاعدة»، يرتكز على إيران، بالهجوم عليها، للبحث له و«القاعدة» عن دائرة أمل لتجنيد واستقطاب إرهابيين جدد، والبقاء في دائرة الاهتمام، في محاولة مفضوحة ومكشوفة من «القاعدة» للعب الورقة الطائفية. والدرس هنا هو عدم اللعب على أوتار الطائفية، وتأجيجها لأن نارها إن اندلعت ستحرق الجميع.

وهذا ما تم التحذير منه في العراق، منذ سقوط نظام صدام حسين، وحتى استهداف مجالس الصحوة الآن. والأمر نفسه ينطبق على لبنان، وقد سمعت من بعض دوائر الأكثرية في لبنان أن أكثر ما يخشونه من الصراع الدائر في لبنان هو تأجيج التطرف السني، وخروجه من قمقمه ردا على بعض تصرفات حزب الله.

حديث الظواهري الأخير دليل على أن المنطقة ليست بمعزل عن هذه الحرب القذرة، إن وقعت لا قدر الله، وهذا ما حذرنا منه مرارا. حديث الظواهري مرفوض، وغيرته مزيفة، فقد أساءت «القاعدة» للدين الإسلامي، وللمسلمين ككل، وللسنة تحديدا أكثر من أي طرف آخر.

وبقدر خطورة حديث الظواهري الأخير، ووجوب رفضه وإدانته، فمن المهم والضروري أن تعي طهران وأعوانها خطورة استخدام التطرف، واللعب على أوتاره، فخروج المارد الطائفي من قمقمه، سيجعل المنطقة كلها، وإيران ليست بمنأى عنها، مقبلة على حرب قذرة لها أول وليس لها آخر!

[email protected]