ليت المالكي يسمي الأشياء بأسمائها

TT

في الوقت الذي شكا فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمام نواب من لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي من تدخلات دول الجوار في بلاده، قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إنها ستضغط في مؤتمر دول الجوار بالكويت من أجل توفير دور عربي لدول الجوار بالعراق.

واللافت للنظر أنه مع زيادة الحديث الأميركي عن الدور العربي لدول الجوار، تتكرر شكوى السيد المالكي من تدخلات دول الجوار في العراق. والسؤال هو: عن أي دول جوار يتحدث السيد المالكي؟

وما هي دول الجوار التي تؤوي «القاعدة»، وتسهِّل تسلل المخربين للعراق؟ وما هي دول الجوار التي تسلح الميليشيات والعناصر الخارجة عن القانون وتموِّلها؟

لو سمى السيد المالكي الأشياء بأسمائها لاختلفت أمور كثيرة. حينها تعرف دول الجوار حقيقة نوايا الحكومة العراقية. ويتعرف الرأي العام العراقي والعربي، على حقيقة مساعي بغداد لتوفير أرضية سياسية قابلة لأن تنبت فيها مصالحة سياسية، ونبذ للعنف الطائفي والمحاصصة الطائفية. وقبل هذا وذاك، كشفُ المتلاعبين باستقرار العراق.

أما تكرار استخدام مصطلح «دول الجوار» من دون تسميتها، فإنه يعقد الأمور. ولأنني في حِلٍّ، وأستطيع قول ما لا يقوله كثير من جيران العراق، فلا بد من أن يعرف السيد المالكي بأن هناك مَنْ يحسبونه هو على دول «الجوار»، والمقصود هنا إيران.

طالما أن السيد المالكي قاد بنفسه معركة البصرة، واعتبر جيش المهدي أسوأ من «القاعدة»، فلماذا لا يخوض المعركة السياسية ويسمي الأشياء بأسمائها؟ حينها تطمئن الدول المجاورة، التي لا تريد رؤية عراق إيراني، إلى أن القيادة السياسية العراقية حريصة على سيادة العراق واستقلاله.

حينها سيثبت أن معركة البصرة هي معركة دولة ضد جماعات خارجة على السلطة، لا معركة أحزاب شيعية متنافسة على الحكم تحت مظلة إيران. لا بد أن يعرف السيد المالكي بأن التواصل مع دول الجوار أفضل كثيرا من الضغط الأميركي عليه.

أولى خطوات التواصل؛ تسمية الأشياء بأسمائها. فلدول الجوار حدودٌ مع العراق. وما يدور داخل بغداد يؤثر على أمنها واستقرارها. ولدول الجوار مصلحة حقيقية واستراتيجية لرؤية عراق حر ومستقل، ولذلك وقفت مع أهل دجلة طوال سنوات الحرب العراقية ـ الإيرانية.

مبادرة السيد المالكي إلى تسمية الأشياء بأسمائها تعني أن بغداد قطعت شوطا طويلا، أكثر جدوى من الضغط الأميركي. فكثير من دول الجوار لاذت بالصمت، ورفضت حتى التعليق على الشأن العراقي، لأنها تأكدت، حينها، أن واشنطن كانت تبحث لها عن شماعة تلقي عليها باللوم حول تعثر العملية السياسية في العراق، بينما اليوم نرى واشنطن تلح على مطالبة السعودية ومصر بلعب دور فعال من أجل استقرار العراق، وحماية عروبته.

فهل يسمي السيد المالكي الأشياء بأسمائها، ويقول لنا عن أيِّ دولِ جوارٍ يتحدث؟ أم أنه سيترك الأمر للأميركيين، والمسؤولين العراقيين الذين يصرحون طالبين عدم الكشف عن هوياتهم؟

[email protected]