ماذا رأيا في مدينة مرسيليا؟!

TT

اثنان من العلماء ماذا رأيا في مرسيليا عندما ذهبا إلى فرنسا يطلبان العلم..

أولهما رفاعة الطهطاوي (1806 ـ 1873)، فقد اندهش عندما وجد الفرنسيين يأكلون على منضدة كبيرة مرتفعة عن الأرض.. أي أنها مختلفة عن الطبلية التي يجلس إليها الفلاحون في مصر وأنهم لا يأكلون من وعاء واحد بل كل واحد له طبق وله كوب وشوكة وسكينة وأنهم جميعاً في غاية النظافة. ولما ذهب إلى باريس اندهش للمرايا إذا وضعت يدك إلى جوارها لوجدت ليدك نفس اللون أما في مصر فالمرايا إما مقعرة وإما محدبة واليد تبدو صفراء زرقاء دائماً!

وقد سجل ذلك كله وأكثر في كتابه «تخليص الإبريز في تلخيص باريز».

أما الشيخ عبد الحليم محمود المفكر المتصوف وشيخ الأزهر سنة 1973 فقد سجل بنفسه في كتاب صغير صدر أخيراً عنوانه «الحمد لله هذه حياتي»، أنه عندما وصل إلى مرسيليا تصادف انصراف العمال. فوجدهم في غاية النشاط رجالا ونساء. لا يضيعون وقتهم في الماضي وإنما يتجهون إلى المستقبل وتذكر أن عمر بن الخطاب كان إذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وإذا تكلم أسمع.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسير والصحابة خلفه يعدون، ومن أمثالنا: الحركة بركة والبركة في البكور.

وراح يقارن بين مفهوم الجمال والنظافة عندنا وعندهم ـ الإعجاب بهم والأسف علينا. ويقول: «إن الله جميل يحب الجمال» و«خذوا زينتكم عند كل مسجد».

والحديث النبوي يقول: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً. فطوبى للغرباء ـ وتفسير الغرباء بأنهم الذين ينفردون بالإيمان والتقوى. أي الغرباء عن الناس من حولهم.

والشيخ عبد الحليم محمود له أتباع ومريدون ومؤمنون بكراماته. أما الشيخ رفاعة الطهطاوي فقد عاش ورأى وشارك، وتندهش عندما تجده يصف فساتين النساء.. ومكوناتها: القميص وفوقه قميص وتحته أسلاك تشد نهديها وردفيها.

وقد ترجم الطهطاوي كتبا كثيرة من الفرنسية وترجم الدستور الفرنسي وأنه ـ كالدكتور عبد الحليم محمود ـ يرى أن الحضارة ممكنة مع الإيمان بالله. وعبد الحليم محمود استغرقته حياته الروحية ومجاهداته الصوفية ولكن الطهطاوي كان أبعد أثرا، فقد أضاء لشعب طرق التنوير الثقافي والهداية إلى الحضارة.