العراق ودول الجوار

TT

شهد العراق بتاريخه القديم والحديث تجاذباً وتنازعاً عليه. وهذا لم يأت مصادفة، بل لأهمية هذا البلد عبر كل مراحل تاريخه الذي اختزن مكامن قوة هائلة جعلت منه يحتضن أكبر حضارات الأرض؛ آخرها كان حكم العباسيين الذي استمر لخمسة قرون سُمي العراق فيها أرض السواد لكثافة زرعه ونخيله وثروات تختزنها أرضه مما جعل منه بلداً جاذبا لهجرات مستمرة جعلت منه نقطة ارتكاز وتنازع وتجاذب عنيف.

لذلك كان سقوط النظام والدولة معه في 2003 زلزالا حرّك مصالح وأجندات إقليمية على اختلافها وتضاربها والقليل من التلاقي والاتفاق عليها، للانتظام في منظومة إقليمية لدرء أخطار هذا الزلزال وهزاته الارتدادية التي يمكن أن تنتقل إلى دول الجوار. وقد نجح بعض الجهد الأحادي والأكثر من الأحادي إلى إغراق العراق في فوضى قتل جماعي تحت عناوين موهومة من المقاومة أو الجهاد الذي كان وقودها العراقيون وبعض من الشباب المغرر بهم تم دفعهم عبر بوابات مفتوحة وخدمات أرضية داعمة.

لا أحد ينكر أن الكثير لديه قلق ليس بالقليل من معادلة حكم يقرأها بأنها تميل باتجاه إيران، وهو قلق مشروع ومفهوم ويتطلب خلق آليات عمل فاعل لإطفاء هذا القلق، ليتبقى نقص في المعلومة ونقص في التواصل مع العراق تم البناء عليه. والمطلوب جهد مشترك من العراق وهذه الدول لردم هذا النقص، وننتظر في العراق من دول الجوار الكثير من التعهدات والالتزامات التي قطعتها دول جوار العراق عبر مؤتمرات بقيت طي الكتب ولم نلمس منها في العراق خطوات تفعل على الأرض.

لذلك فإن الاهتمام الرسمي العراقي بدأ يفقد زخمه واهتمامه بحضور اجتماعات تتكرر فيها النيات الطيبة والتي كان العراق يجد فيها بدايات يمكن أن تنمو وتتطور لمساهمات إيجابية ملموسة قد تكون أولى حلقاتها هو وجود دبلوماسي عربي فاعل يستطيع أن يتفاعل مع العراق وينقل صورة حقيقية لواقع لا أحد ينكر صعوبته والحاجة لإسناد عربي له، لينمو ويتواصل ولا ينقطع عن النسيج العربي الذي ينتمي إليه. حلقة أخرى من هذا التواصل هي الزيارات التي يتوقعها العراقيون من المسؤولين العرب الذين غيبوا أنفسهم عن زيارة بغداد.

ثم موضوع الديون والتعويضات التي تثقل كاهل العراق وشعبه والذي يتوقع أن تأتي المبادرة من الأقربين ومن الأشقاء لديون لم ينتفع منها شعب العراق بل أن معظمها كان لشراء أسلحة ومعدات لحربٍ جائرة مع إيران تركت ندباً وأخاديد في نفوس الملايين من العراقيين. وكبادرة لطيفة لن ينساها العراق الذي يختزن ثروة هائلة وغنى واضحا بشعبه وثرواته ومواقفه العربية التي لا خلاف حولها من محيطه العربي القريب، أن تبادر الدول العربية المعنية بإطفاء وإلغاء ديون العراق، فليس من المعقول أن تسقط كندا وروسيا واليابان ديونها على العراق بينما لم يبادر الأقربون.

وقبل كل ذلك هو احتواء للعراق العربي من أشقائه وتواصل غير منقطع لانتماء وهوية عربية لا يزال شعب العراق متمسكا بها وسط أمواج وأفكار جديدة ليس من الحكمة تجاهلها فلن يستجدي العراق موقفاً من أحد ولن يطلب إحساناً من أحد.

* الناطق الرسمي

للحكومة العراقية