السيد والملا يطلبان النجدة!

TT

يا لعجائب القدر، والسياسة، السيد مقتدى الصدر يطالب بإيقاف الحملة المسلحة على أتباع تياره المسلحين والاحتكام للعملية السياسية.. وأبناء الملا عمر، من طالبان، يطالبون الأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمات حقوق الانسان التدخل لدى حكومة كرزاي من أجل إيقاف إعدام مائة من أعوانهم!

لو جاء أحد بهذه الأفكار قبل أعوام لقيل إنه يضرب الودع، أو يحلم، لكنها الحقيقة. السيد مقتدى الصدر الذي خرج لنا من تحت أنقاض الاحتلال الأميركي للعراق، حيث سمى مدينة كاملة باسم الصدر، وباتت له يد طولى في عراق ما بعد صدام، لم يعرف كيف يلعب سياسة.

اليوم يقول الصدر «أوجِّه آخر تحذير وكلام للحكومة العراقية، أن تتخذ طريق الســــلام ونبذ العنف مع شـــعبها وإلا كانت كحكومة الهدام».. ومتى اتخذ تيار الصدر السلام طريقا، ونبذ العنف الطائفي، وجنح إلى السلم، حتى يطالب به اليوم؟

تفرغ الصدر للمناكفة. أراد كل شيء، أو لا شيء. وهذا أبسط دليل على الجهــــل السياسي، واليوم يستنجد بالعملية السياسية، ويريد الاحتكام للآليات السياسية، بعد أن وقع الفاس بالرأس.

الأمر نفسه ينطبق على حركة طالبان بقيادة الملا عمر، التي حكمت بالتخلف، والتكفير، وباتت ملاذا آمنا لكل مكفر، ومضلل. كفرت طالبان، ومن كانوا بحمايتها، الأمم المتحدة، وهاجموها في كل مكان.

وكان الانتماء إلى الصليب الاحمر، أيام حكم طالبان، تهمة وشبهة وحدها كفيلة بحكم الإعدام، أو السجن والتفاوض، والوساطات الدولية من أجل اطلاق سراح المنتمين للمنظمة الدولية في أفغانستان. والأمر نفسه ينطبق على منظمات حقوق الانسان التي كانت في نظر طالبان وحلفائها غطاء للجاسوسية.

اليوم، وبعد كل هذا، تستنجد طالبان بمن هاجمتهم وكفرتهم بالأمس، تطلب الرحمة التي لم تقدمها للصحافيـــين الأجانب على أرضها، أو الناشطـــين، أو حتى الباحثـــين. واللافت أن طالبــان تعلل التماسها بالقول إن من ألقي القبض عليهم من عناصرها قد «اعتقلوا بتهم تتعلق بالقتال من أجل الحرية».

وهل كانت طالبان تؤمن بالحرية كمبدأ أصلا، أو تحترمها؟ وهل كانت الحرية كلمة في قاموس طالبان وحلفائها من «القاعدة»؟ طالبان، والسيد مقتدى الصدر، يطالبون اليـــوم بالاحتكام إلى قوانين لعبة أدمنــوا مخالفاتها، والخروج عليها.

وكما يقال، أسوأ ما في البقاء فوق القانون انك لا تتمتع بمظلة حمايته عنـــدما تحتاجها، ولذا لا تجد صرخــــات الاستنجــــاد من قبل الصـــدر، أو طالبان، تعاطفا حقيقيا بعد أن انصـــرف ســامر الحي عنهم، ومل العقلاء من مناصحتهم.

وليس الصدر وطالبان وحدهم الذين صرخوا لطلب النجدة ممن كانوا يسمونهم الأعداء، أو المتخـــاذلين، فقد فعلها السيد حسن نصــر الله إبان حرب 2006 التي أعلن بعدها النصر الالهي، حين خرج وقت الحرب على التلفاز يقول إن على من يحب لبنان إيقاف الحرب.

ومثله خالد مشعل، عندما خرج بعد حصار غزة متوسلا، ومهددا بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن لا ينقذ غزة، بعد أن خربها وقعد على تلها.. ما أكثر الدروس حولنا، وبيننا، وما أقل ما نتعلم!

[email protected]