كارتر ودرس حماس

TT

عندما وقف الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر امام الصحافيين معلنا لهم بسعادة أن قياديي «حماس» ابلغوه انهم «سيعترفون بدولة فلسطينية داخل حدود 1967 وسيقبلون بحق اسرائيل في العيش بسلام كجارة لهم» قلت لصاحبي مسكين هذا الكارتر، فهو لم يتعلم درسه القديم بعد فانطلت عليه احاديث الشاي والقهوة من وعود وعهود. لم يطل بنا الانتظار حتى خرج ممثل حماس في دمشق ليقول انهم يقبلون باسترجاع اراضي فلسطين حتى حدود 1976 لكنهم لن يعترفوا مقابلها باسرائيل.. منطق جميل، تعيد اسرائيل الاراضي المحتلة والقدس ويعود اللاجئون وتزال كل المستوطنات، ولن يعطوا اسرائيل شيئا. لو كانت هكذا تورد الإبل فلا ادري لماذا لم يفكر بمثلها أحد من قبل. الحقيقة ان حماس غررت بكارتر الذي تعجل اعلان الاتفاق، كما فعلت حماس من قبل مع ابو مازن، وبعدها مع السعوديين، ولاحقا مع المصريين. وليس من جديد في سلوك حماس، فـ«الفهلوة» ديدن الحركة منذ اغتيال زعيمها الشيخ احمد ياسين حيث تفرقت قياداتها بين الدول واصبحت مجرد مكاتب لها.

ولم يخف محمود الزهار حقيقة الأزمة داخل الحركة وتفكك قياداتها حيث قال حول عرض المصريين بالتهدئة مع اسرائيل مقابل انهاء معاناة المواطن الفلسطيني، قال انه ذاهب الى دمشق و«لن نعود إلى غزة إلا بعد تذليل كل العقبات للاتفاق على التهدئة وفك الحصار».

وهذا يعني على الارجح واحدا من احتمالين، إما انه لن يعود الى غزة لانه تعهد الا يعود الا باتفاق، او ان ينكث بوعده حيث سيخذله الرفاق في دمشق وسيقولون له بصريح العبارة دع المصريين يتورطون في وساطتهم كما تورطوا من قبل في المفاوضات بين السلطة لفلسطينية وحماس التي في ليلة ظلماء طردت رجال ابو مازن واستولت على كل غزة. مع هذا فالزهار مثل معظم قياديي حماس في الداخل حاكم بلا سلطة حيث يرى عبثية المواجهة ولا يستطيع فعل الكثير، فالذين اصابعهم على الزناد يتبعون لحماس الخارج. الزهار يعلم حجم الضرر الذي الحقته قيادة الخارج بمليون ونصف مليون فلسطيني محاصرين في الداخل بلا مكسب. وخير تعبير عن المأساة ما اعرب عنه نصف الذين استفتوا في القطاع حيث ابدوا رغبتهم في الخروج من غزة بسبب هذه السياسة. كما لفت كارتر نظر القادة الى انهم في سبع سنوات لم يقتلوا  سوى ثلاثين اسرائيليا في حين قتلت اسرائيل المئات ودمرت كل البنية الاساسية وتركت الناس يعيشون الى اليوم في ضنك وفاقة، ناهيك من اكبر خطر عرفه الفلسطينيون في خمسين سنة بانشقاق حماس بغزة وانقلابها على السلطة الفلسطينية.

خالد مشعل يقول انه يقبل بدولة في الضفة وغزة، ولا يعترف باسرائيل، وفي السابق كان من يفكر ان يعترف باسرائيل يقذف بطوب الخيانة والتخلي عن الثوابت، وانا واثق انه بمجرد ان يكون هناك حل سوري او ايراني سيرحب مشعل بأدنى مما حصلت عليه السلطة الفلسطينية.

[email protected]