كيف يمكن لواشنطن وقف المحنة في دارفور

TT

يبدو ان الرئيس بوش قلق من المذابح في دارفور، وقد اقترح مرارا على وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس: لماذا لا نرسل قوات لتولي الامر؟ وتشرح له رايس الوضع بصبر قائلا: لا يمكنك غزو دولة مسلمة ثالثة، ولا سيما دولة فيها نفط. ويتراجع بوش ولا يفعل شيئا. إلا ان الاسبوع الحالي يوافق الذكرى الـ 14 للتطهير العرقي في رواندا، المرة الأخيرة التي قلنا فيها «لن يحدث ذلك مرة ثانية». وبالرغم من ان رايس محقة في عدم امكاننا ارسال قوات برية اميركية مرة اخرى، فهناك خطوات محددة يمكن لبوش اتخاذها، اذا ما اراد انهاء سلبيته المخجلة.

1ـ العمل مع فرنسا لإنهاء الحرب بالوكالة بين السودان وتشاد، ومنع السودان من غزو جارته وإسقاط حكومتها. وبالتالي فان منع فيروس دارفور من اصابة الدول المجاورة يجب ان يحظى بالأولوية المطلقة. وحتى اذا كان الغرب يفتقر الى الجرأة للقيام بعمل في السودان، فيجب عليه على الاقل محاولة وقف انتشار عمليات التطهير العرقي في المنطقة بأكملها. يمهد الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي، الطريق لتشكيل قوة اوروبية لنشر الاستقرار في تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى، ويجب دعمه بقوة. واذا ما ارسل السودان قوات بالوكالة اضافية، فعلى فرنسا والولايات المتحدة استخدام الطائرات لقصف الغزاة. كما يجب علينا ايضا الضغط على رئيس تشاد المستبد لاحتواء معارضيه في الداخل بدلا من سجنهم.

2ـ توسيع التركيز من «انقاذ دارفور» الى «انقاذ السودان». فهناك خطر متزايد من استئناف الحرب بين شمال السودان وجنوبه في الشهور القليلة المقبلة، وان السودان سيتعرض للتفكك. ويجب على الولايات المتحدة دعم اتفاقية السلام المنهكة بين الشمال والجنوب، ومساعدة جنوب السودان بسرعة بقدرات مدفعية مضادة للطائرات، لمنع الخرطوم من قصف الجنوب.

3ـ يجب على بوش الدعوة لعقد مؤتمر، قبل او بعد قمة مجموعة الثمانية، حول السودان، يكون من بين المشاركين فيه كل من ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والرئيس الصيني هيو جيناو والامين العام للامم المتحدة بان كي مون والقيادات السودانية نفسها. ويجب عقد المؤتمر في كيغالي عاصمة رواندا، لكي يتذكر الحاضرون التطهير العرقي. ومن بين الاهداف المتوخاة الضغط على الصين لوقف نقل الاسلحة الى السودان حتى يسعى بجدية لتحقيق السلام في دارفور (سنحقق المزيد اذا ما عاملنا الصين باعتبارها دولة هامة بدلا من شريرة). وحظر الاسلحة هو افضل وسيلة لإقناع السودان بتقديم التنازلات المطلوبة لتحقيق السلام. وسيركز المؤتمر ايضا على دعم قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في دارفور بطائرات هليكوبتر والتدريب والمعدات.

4ـ يجب ان يهدف المؤتمر إلى استئناف عملية السلام في دارفور لأن السبيل الوحيد لإنهاء المذابح هناك هو التوصل إلى اتفاق سلام. كما يجب ان تقود شخصية مثل كوفي أنان هذه المحادثات، من خلال العمل المتواصل مع فريق متميز لحمل المسؤولين السودانيين وزعماء التمرد على حد سواء، على التوصل إلى تفاق سلام.

5ـ يجب على الولايات المتحدة والأمم المتحدة ان تستفيدا من العروض التي قدمت عامي 2004 و2005 بإرسال 10000 من أفراد قوات حفظ السلام إلى دارفور. أفراد قوات حفظ السلام في دارفور ليسوا في حاجة إلى تأشيرات دخول او مترجمين. إذ بوسعهم التوجه إلى دارفور من مواقعهم الحالية، وبإمكانهم إحداث فارق كبير في الوضع الأمني هناك.

6ـ يجب ان تفرض الولايات المتحدة منطقة لحظر الطيران فوق دارفور من القاعدة الجوية الموجودة في أبتشي بتشاد (أو حتى من القادة الجوية الحالية في جيبوتي). لن تكون هناك طائرات باستمرار في أجواء دارفور ولن نسقط طائرات سودانية، وإنما سننتظر يوما أو يومين في حال خرق السودان حظر الأمم المتحدة، وندمر طائرة الانتونوف السودانية القاذفة للقنابل وهي على الأرض.

7ـ يجب ان نحذر السودان من ان أي إثارة للحرب في الجنوب، أو شن هجمات على معسكرات النازحين أو غزو دولة مجاورة، سيؤدي إلى تدمير قواته الجوية. وكما قال الخبير في الشؤون السودانية روجر وينتر فإن السودان يتجاوب عندما يكون في مواجهة تهديد ولا يستجيب عندما لا يكون هناك تهديد ضده. السبب الرئيسي في فشلنا في السودان يكمن في اننا لم نقدم محفزات أو مهددات فاعلة. فرض منطقة حظر طيران إجراء تهديدي، ولكن يجب علينا أيضا ان نرسل مجددا اشارات إلى الرئيس عمر البشير انه إذا سعى لتحقيق السلام في دارفور وجنوب السودان، فإن الولايات المتحدة ستطبع علاقتها مع السودان وسترفع العقوبات وتشطب السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب. إذا اتخذ الرئيس بوش كل هذه الخطوات، هل ستؤدي إلى إنهاء عمليات الإبادة؟

لا نعرف، ولكن التظاهر بأنه لم يعد هناك ما يمكننا عمله أمر مخز ويفتقر إلى الصدق.

* خدمة «نيويورك تايمز»