ووقعنا في هذه الغلطة أيضاً!

TT

يندهش الشبان عندما نقول لهم: نعم كنت أحدث العقاد وطه حسين والحكيم والمازني ويوسف وهبي وأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الأطرش وفايزة وشادية ونجاة. وأتغدى وأتعشى مع الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي ـ أي يوم وفي أي وقت. وفي مصر وخارجها أيضا.

ويحسدوننا على ما كنا فيه ومعهم حق!

وأقول: نعم وجلسنا إلى الفيلسوف سارتر وقابلت الفيلسوف الأعظم هيدجر وقابلت وتعشيت في بيت الأديب ديرنمات والأديب ماكس فرش.. وتغديت وتعشيت وسافرت مع الأديب مورافيا وزوجته الأولى والثانية والثالثة.

وأنا أول من قدمه للأدب العربي وترجمت له عشرين قصة قصيرة.. ورأيت سومرست موم الروائي الإنجليزي البديع. ورأيت الأديب الأمريكي فوكنز في القاهرة.

لقد كانت دنيانا مليئة بالعظماء الذين نجلس إليهم والذين نلتقي بهم والذين نقرأ لهم. وكانت أطراف الدنيا قريبة. وكنت أول وآخر من قام برحلة حول الكرة الأرضية ورأيت القارات الخمس في 228 يوماً وبلا توقف وكنت وحدي. أرى وأكتب وأتقلب على كتاب مفتوح هو الكرة الأرضية. وفيما بعد عرفت معظم هؤلاء العظماء الذين يعيشون معاً في وقت واحد ومكان واحد ولا يتزاورون..فمرة أو مرتين زار العقاد طه حسين. ولكنهما كانا يلتقيان في المجمع اللغوي وكذلك المازني. مع أن ثلاثتهم ولدوا معاً في سنة 1889 ـ وهي نفس السنة التي ولد فيها فلاسفة وأدباء عظماء: هيدجر ومارسيل وكوكتو والشاعرة اخماتوفا وهتلر ونهرو وشارلي شابلن.. أما طه حسين فلم يزر العقاد مرة واحدة ولا وجد سبباً لذلك ولم يلتق الحكيم معهما إلا مرة واحدة .. أما الحكيم وطه حسين فكانا يلتقيان في باريس. وكل واحد منهما يتستر على الآخر فكان طه حسين يحب فتاة فرنسية جميلة وكان يطلب من الحكيم أن يغادر المكان حتى لا يتنصت عليهما. ولا عبد الوهاب زار أحداً من هؤلاء ولا أم كلثوم. بل إن العقاد كان يكره عبد الوهاب..

وعندما استرجعت أحداث زمان وجدت أنني أيضاً وقعت في هذه الغلطة أو هذا السهو.. فكثير من أبناء جيلي لم نكن على صلة يومية أو أسبوعية أو حتى سنوية، فقد انشغلنا بأنفسنا عن غيرنا.. أي عن أناس مثلنا اكتفاء بمن هو أعظم وأروع في الكتب والمسرحيات. ومضى الزمن وكل شيء أيضاً!