محافظو إيران يضحكون على أنفسهم

TT

لا يهم ما يقوله لنا المحافظون الإيرانيون في وسائل الإعلام العربية والمؤتمرات الصحافية، المهم هو ما يقولونه في داخل إيران، وما يفعلونه على الأرض. فمحافظو إيران يمارسون المراوغة السياسية، ويتاجرون بقضايانا مثل ما يفعلون بالسجاد. فمن أمضى في صنع السجادة عشر سنوات لا يتوانى عن طول البال والتشويش على من يعتبرهم خصوما، ولو ببث المعلومات المزيفة قطرة قطرة. لكن هل الوقت في مصلحة إيران؟

أكتب كل هذا لأن من أغرب ما قرأت نقلا عن صحيفة كيهان المحسوبة على المحافظين الإيرانيين الزعم بأن «البريطانيين قاموا بابتعاث (لورانس العرب) لربط الشيخ محمد بن عبد الوهاب بآل سعود لايجاد فرقة تدعم بريطانيا». فهل هناك هراء بعد هذا الهراء؟ وهل هناك تزوير أكثر من هذا، وتحريض على الأساس السعودي أخطر من الهجوم على فرعيات؟

دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تمت منذ أكثر من مائتين وسبعين سنة عندما تبايع الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمهما الله، فالشيخ ولد حسب بعض الروايات في عام 1115 هجرية، أي 1703 م، بينما كانت حياة لورانس العرب بين 1888 ـ 1923م. وبرز لورانس العرب أيام الشريف حسين بن علي ومعركته (الثورة العربية) ضد العثمانية.

دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم تأت بدين جديد، ولا فرقة أو مذهب، بل كانت دعوة إصلاحية بين شيخ وسياسي، نتج عنها وحدة وطن كبير تحت مظلة العقيدة الإسلامية، بعد تناحر وتنافر، تلك هي المملكة العربية السعودية.

مشكلة محافظي إيران اليوم أنهم يزيتون ماكينة ضخمة من التضليل والتشويش، في معظم مناطق العالم العربي، ودائما ما يستهدفون السعودية، على عكس ما يقولون في المؤتمرات، أو التصريحات الرسمية.

فعلى الأرض يقوم محافظو إيران بجهد منظم للتضليل والتشويش. ومن خلال المعلومات التي يسربها محافظو إيران عن السعودية عبر صحفهم، أو الصحف التابعة لهم في مواقع مختلفة، أو حتى من خلال بعض الكتب المدعومة من قبلهم، يظهرون جهلا مضحكا بالسعودية، والجزيرة العربية ككل.

فمن خلال الحديث عن علاقة لورانس العرب بالشيخ محمد بن عبد الوهاب، يبدو أن معلومات محافظي إيران عن السعودية ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والجزيرة العربية، مثل معلومات أحمدي نجاد عن الشاعر بن لعبون!

الواضح، والمؤسف، أن محافظي إيران غير قادرين على التصالح مع الخليج العربي، قديما وحاضرا، طالما أنهم غير قادرين على التصالح مع أنفسهم في إيران نفسها. إيران دولة ذات حضارة، ومكانة كبيرة، لكن لا يمكن لطهران أن تكون ذات علاقة مميزة مع جيرانها من خلال الابتزاز والتضليل.

أحد المسؤولين السعوديين نصح القيادة الإيرانية بالنصيحة التالية: إذا كنتم تصرون على التدخل في القضايا العربية، فرسالتنا لكم هي اجعلوا تدخلكم ايجابيا. وأعتقد أن أفضل عمل قد تحققه إيران لنفسها، وللمنطقة أن تدع العالم العربي وشأنه، فلا يمكن لمن يواجه أزمات داخلية حقيقية مثل طهران أن يفلح في حل مشاكل الآخرين.

[email protected]