علم إدارة الكوارث والأزمات.. ضرورة لعالمنا العربي

TT

تعد إدارة الأزمات والكوارث من المجالات والعلوم الحيوية والمهمة الآن وبخاصة مع التطورات المتلاحقة والمتغيرات المفاجئة التي نشهدها الآن على الصعيدين العالمي والإقليمي، والتي تتطلب ضرورة الاستعداد والإعداد الجيد والتخطيط العلمي والتدريب المستمر لتحقيق الجاهزية المرتفعة وسرعة الاستجابة لمواجهة تلك الأزمات والكوارث.

تؤكد الأحداث اليومية المتلاحقة الآن أننا نعيش اليوم في عالم تسوده الأزمات والكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية، فالفقر والأمراض والأوبئة والمجاعات والإرهاب والقتل والحروب والحرائق وانهيار المباني والحوادث والبراكين والزلازل والأعاصير والسيول، ما هي إلا نماذج وأمثلة للعديد من الأزمات والكوارث التي تدعونا جميعاً للتعاون الجاد والتكاتف لمواجهتها.

ويعتبر علم إدارة الأزمات Crisis Management من العلوم المهمة الآن في الدول المتقدمة، فهناك العديد من البرامج الدراسية التي تهتم بهذا المجال المهم، كما أن هناك العديد من مراكز التدريب العملي المتقدمة لتدريب وإعداد الكوادر البشرية للتعامل الناجح والسريع مع الأزمات والكوارث، وأيضاً توافر الأجهزة والمعدات الحديثة للتعامل معها، هذا بالإضافة للندوات والمؤتمرات وورش العمل والمؤلفات المتزايدة حول إدارة الأزمات والكوارث.

ويعتبر التشخيص الصحيح للأزمات والكوارث، العامل الأساسي للتعامل الناجح معها، وبدون هذا التشخيص يصبح التعامل مع الأزمات ارتجالياً، وتعد المعلومات المتوفرة والصحيحة الأساس للتشخيص الصحيح للأزمات.

لقد أصبح هناك ضرورة للاهتمام بعلم إدارة الأزمات والكوارث، وتأسيس مراكز تدريبية متخصصة في هذا المجال، مع التدريب والتطوير المستمر لمهارات الكوادر العاملة فيه، وضرورة التعاون مع المراكز التدريبية والبرامج الجامعية المهتمة بمجال الأزمات والكوارث في الدول المتقدمة، وهناك أهمية لاختيار أحدث الأجهزة والمعدات الضرورية للتعامل الناجح مع الأزمات والكوارث، ومع التقدم والتطور المتسارع في تقنيات أجهزة الكمبيوتر والواقع الافتراضي، أصبح هناك ضرورة للاستفادة الجادة من هذه التقنيات في تصميم واعداد برامج تدريبية لمواجهة أزمات وكوارث افتراضية وتدريب المسؤولين والعاملين عليها للاستعداد لمواجهة الأزمات والكوارث الحقيقية بكفاءة تحت الظروف المختلفة، وهناك أهمية لكيفية التعامل الصحيح مع الإعلام خلال الأزمات والكوارث، اذ أن لكيفية إدارة الاتصال والإعلام أثرا مهما على نجاح إدارة الأزمة أو الكارثة. ويهمنا هنا أن نشيد بالجهود العربية المتنامية للاهتمام بمجال إدارة الأزمات والكوارث، ومن أهمها الندوة المهمة بعنوان «الكوارث وسلامة المباني في الدول العربية» التي نظمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية السعودية في الفترة من 29 مارس ـ الأول من أبريل الجاري، والتي تعد أكبر تجمع عربي ناقش مجال إدارة الأزمات والكوارث، والتي استقطبت العديد من العلماء والخبراء والمفكرين هذا المجال، وفي حلال المعرض المصاحب للندوة عرضت السعودية لنظام حديث لإدارة الأزمات يخضع حاليا لمراحله التجريبية الأخيرة، ويهدف لإدارة الأزمات المختلفة واحتواء الحوادث المفاجئة والسيطرة عليها، ويمكن القطاعات المعنية من سرعة التعامل مع أي أزمات طارئة عبر آلية توجيه حديثة، كما عرض بالندوة العديد من التجارب العالمية لمواجهة الأزمات والكوارث، وهناك أيضاً ورشة العمل المهمة التي نظمتها خلال شهر مارس الماضي «المنظمة العربية للتنمية الإدارية» التابعة لجامعة الدول العربية، بعنوان «علم إدارة الأزمات ودوره في مواجهة الأخطار المؤثرة على الأمن القومي والتنمية».

وخلاصة القول، لقد أصبحت هناك ضرورة لإعداد برامج متقدمة في عالمنا العربي للتعامل السليم والناجح مع الأزمات والكوارث، تركز على التدريب العملي المستمر لصقل مهارات الكوادر البشرية وتنمية أدائها ورفع مستوى جاهزيتها، وضرورة التعاون بين الدول العربية للتخفيف من آثار الأزمات والكوارث، هذا بالإضافة لأهمية تنمية وعي المواطن العربي لكيفية التعامل الناجح والسريع مع الأزمات والكوارث والتدريب على العمل التطوعي للتخفيف من آثار الأزمات والكوارث التي أصبحت سمة من سمات عصرنا الحالي.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية