الرعونة تسيطر على حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية

TT

يبدو أن أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة الذين يسعون للفوز بمنصب رئيس الولايات المتحدة، ملتزمون بقاعدة غير مكتوبة في خطاباتهم خلال الحملة الانتخابية، وهذه القاعدة هي: الرعونة فضيلة، والعار الأكبر هو أن تشعر بالخجل.

وقد يتناقض هذا مع ما يدعو إليه البابا بينيدكت السادس عشر، الذي وصل يوم الجمعة الماضي إلى مدينة نيويورك.

ولكن لم يكن هناك أدل على ذلك مما حدث في مناظرة الديمقراطيين قبل الانتخابات التمهيدية في ولاية بنسلفانيا، فقد وقف باراك أوباما، الذي طالما أكد معارضته لغزو العراق، يثني على ما قام به الرئيس بوش الأب من غزو للخليج العربي.

وعندما سُئل كل من أوباما وهيلاري كلينتون عن كيف سيستفيدان مما قام به الرؤساء السابقون، كل ما فعله أوباما هو أنه أخذ يتغنى بالخصال الحميدة التي تميز بها الرئيس الأسبق بيل كلينتون. وقال أوباما: «من المحتمل أن أطلب النصح من بوش الأب وليس بوش الابن، لأنني أعتقد أن السياسة الخارجية لبوش الأب كانت تتسم بالحكمة». كما أضاف: «في رأيي، أن الطريقة التي أدرنا بها حرب الخليج والطريقة التي أدرنا بها مرحلة ما بعد الحرب الباردة هي أمثلة على كيفية الوصول إلى توافق بين الأحزاب المختلفة». قد يكون هذا الأمر مثيرا للدهشة وقد لا يكون، فالمتحدث هو رجل يتمنى أعداؤه أن يوصف بأنه راديكالي، ولكن لا يجب أن يراهن ضد هيلاري كلينتون في سباق الرعونة. فقد برهنت هيلاري على أن لديها روح المبادرة المغلّفة بالقدرة على الاعتذار، خلال هذه المناظرة، عندما بررت قصتها الزائفة حول تعرضها لإطلاق نار من قبل قناصة خلال زيارة للبوسنة.

لقد كانت قصتها الزائفة عن البلقان محاولة غريبة لخلق توازن مع أوباما الذي يحرص على تلقف سقطات هيلاري في مجال السياسة الخارجية. قالت هيلاري: «للأسف، في بعض المناسبات، لم أكن أتسم بالدقة كما كنت في الماضي». ولكنها ساقت رحلاتها عندما كانت السيدة الأولى كدليل على خبرتها في مجال السياسة الخارجية. وقالت هيلاري: «ولذا سأسعى كي أحصل على قدر أكبر من النوم، فهناك من يقف لي بالمرصاد». قد تكون هيلاري قد اعتذرت عن القصة الزائفة، ولكنها بهذا تطرح التساؤل الذي أثارته في إعلاناتها ضد أوباما: «ماذا ستفعل إذا وصلتك مكالمة تليفونية في الثالثة صباحا؟». ومن ناحية أخرى، لم يخجل جون ماكين من التخفيضات الضريبية التي أقرتها الحكومة – في إطار خطة تستهدف خفض الضرائب عن المؤسسات التجارية بنسبة 35 إلى 25 في المائة ـ مع أنه منذ سبع سنوات، قال: «لا يمكن أن أدعم أي تخفيضات ضريبية تعود بالنفع على الأثرياء على حساب الطبقة المتوسطة من الأميركيين الذين يحتاجون إلى إعفاءات ضريبية». ولذا بدأ الكثير من الجمهوريين يشكون من أن مرشحهم المحتمل يغير من مواقفه.

ويقال في بعض الدوائر أن بعض أعضاء الكونجرس عن الحزب الديمقراطي لا يعارضون أن يكون ماكين رئيسا للولايات المتحدة رغم أنهم قد أقسموا على الولاء للحزب الديمقراطي، حيث يرون أن هذا من شأنه أن يرفع من عدد الأغلبية التي يتمتعون بها في الكونجرس، كما أنه سيضفي عليهم مزيدا من الأهمية. وإذا كنت تعتقد أن المرشحين يُبدون قدرا من الرعونة، فيمكنك نشر فيديوهات الإعلانات التلفزيونية التي تبث في بنسلفانيا نهاية الأسبوع على موقع اليوتيوب، فهذه اللقطات كفيلة بإثبات أن هذه المناظرات بها الكثير مما قد يخجل المرء منه، في ظل هذا السباق الرئاسي الذي يبدو أن أولئك الذين يضعون استراتيجياته يفتقدون للكثير.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»