كيف وقع أوباما على الأرض

TT

لقد وعد باراك أوباما بأن يكون نوعا جديدا من القادة، ووعد بأن يواجه الحقائق الصعبة، ووعد بتبني سياسات جديدة، كما وعد بقيادة البلاد تحت راية واحدة. فإذا كان قد تغلب على هيلاري كلينتون في نيوهامبشير ودخل إلى حلبة سباق الانتخابات العامة مبكرا، فربما يكون هذا الرجل العبقري واقعيا فيما يقول.

لكنه لم يتغلب عليها بعد، كما أن الهالة التي كانت تحيط به قد تلاشت. فقد بدأ بمغازلة الناخبين الكبار، ويبدو أنه قد حلّ به التعب، كما اتضحت معالم شخصية أوباما أكثر وأكثر لتكشف الغطاء عن صورة سياسي تقليدي ومتحرر أرثوذكسي. وقد زعم كذبا أن كتابته لم تظهر على استبيان بشأن قانون حظر السلاح. وزعم كذلك أنه لم يهاجم هيلاري كلينتون بسبب ادعاءاتها بشأن وصولها إلى مطار توزلا، مع أن حملته كلها كانت تهاجمها بشأن هذه الحادثة. كما أنه استنكر اقتباس كلمات بعض المرشحين بعيدا عن سياقها، لكنه كان يفعل ذلك مع جون ماكين لاسيما في تعليقه: «100 عام في العراق».

وكذلك فإن أوباما أعطى وعدين كبيرين يدلان على أنه يفكر في حملته الانتخابية أكثر من الحكم الذي يريد تولي مسؤوليته.

كما أنه أعطى ضمانا مؤكدا بعدم رفع الضرائب على الأفراد الذين يربحون أقل من 200.000 إلى 250.000 دولار في العام. ومن شأن ذلك أن يجعل من المستحيل معالجة موضوع الإصلاح في أي وقت خلال فترة رئاسته. وسوف يزيد ذلك من صعوبة تقديم تخفيضات ضريبية للطبقة المتوسطة كبيرة الحجم، وعمل إصلاحات في مجال الرعاية الصحية ومشاريع الطاقة في مانهاتن التي وعد بتنفيذها.

ثم بعد ذلك، أعطى وعودا حديدية بسحب القوات الأميركية من العراق خلال 16 شهرا. وليس في وسع أوباما أو غيره أن يعرف ما سوف تكون عليه الأمور في العراق عندما يتولى الرئيس المقبل مهام الرئاسة. وربما كان في مقدوره أن يقول إنه يهدف إلى سحب القوات الأميركية، ولكنه سوف يرجئ تحديد موعد ذلك إلى الوقت المناسب. ولكنه بدلا من ذلك، أغلق على نفسه دائرة محكمة من الإجراءات السياسية التي لن يتم تطبيقها تماما قبل ثلاث سنوات أخرى على الأقل.

وإذا تم انتخاب أوباما، فإنه لن يتراجع عن تعهداته – في كلا الحالتين سوف يخسر مصداقيته – ولن يخاطر بإحداث كارثة في المنطقة أثناء هذه الحرب السياسية المستعرة في بلاده.

ثم إن هناك المشكلات الثقافية. لقد تعرض تشارلز جيبسون وجورج ستيفانوبولوس إلى كثير من الانتقاد بسبب قضاء وقت طويل في السؤال عن جيرميه رايت وتعليقاته «اللاذعة». لكن الحقيقة هي أن الناخبين يتطلعون إلى رئيس يشاركهم قيمهم وخبرات حياتهم. وسواء كان ذلك صحيحا أم لا، فإنهم يتطلعون إلى رموز مثل مايكل دوكاكيس، أو جون كيري، أو جون إدوارد.

وعندما بدأ أوباما السباق، بدا كأنه شخصية غامضة يمكن أن تفهم الكثير من تجارب الحياة. ولكن في الشهور القليلة الماضية، حدثت أشياء عديدة جعلته يبدو وكأنه أحد الجيران في هايد بارك بشيكاغو.

والبعض منا يحب هايد بارك بسبب خصوصيتها وتنوعها، وكذلك فإن هناك من يحب كامبريدج وبيركلي. لكنها تعتبر من الأماكن التي تتميز بالنمط الأكاديمي والتحرري. وعندما يذهب أوباما إلى كنيسة تتأثر بنمط جيمس كون المتحرر، وعندما يقول بعض التعليقات السيئة عن الناخبين من الطبقة العاملة، فإن الناخبين سوف يتساءلون عما إذا كان أوباما واحدا منهم. إن على أوباما أن يعالج هذه الشكوك، وإلى الآن، فإنه لم يقم بالعمل الكافي من أجل ذلك.

ولم يكن هناك بدّ من أن شعار «نعم نستطيع!» سوف ينتهي. وكان لا بد أن يشعر أوباما بالموقف الحرج الذي وصل إليه. وربما يفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، ولكن عندما نقارنه بجون ماكين، نجد أنه متراجع في فلوريدا وميسوري وأوهايو، ومتعثر في الولايات المضمونة مثل ميتشغن ومينيسوتا ونيوجيرسي وبنسلفانيا. ويتفوق الحزب الديمقراطي حاليا على الحزب الجمهوري بنحو 13 نقطة، لكن أوباما يخسر حزبه هو. فواحد من كل خمسة ديمقراطيين يقول إنه سوف يصوت لصالح ماكين ضد أوباما.

ويختلف الناخبون في الانتخابات العامة عن الناخبين الكبار. ولا يلقى أوباما شعبية كبيرة بين كبار السن والرجال. وبدلا من الفوز بأصوات المتعلمين البيض الذين سئموا من سياسة بوش والسياسات التقليدية، فإنه يعمل بشكل أسوأ من المرشحين السابقين. وقد قدر كل من جون جوديس وروي تيكسيرا أن المرشح الديمقراطي يجب عليه الفوز بنسبة 45 بالمائة من الأصوات لكي يصل إلى البيت الأبيض. وقد قمت بسؤال العديد من السياسيين الديمقراطيين الماهرين خلال الأسابيع القليلة السابقة، ووجدت أن كلهم يعتقدون أن ذلك سيكون صعبا.

ومنذ أشهر قليلة، كان أوباما يراهن على مواهبه. لكن كلينتون سحقته، ونحن الآن نشاهد ظاهرة مثيرة. وقد ادعى الجمهوريون أنهم سوف يخسرون بسبب التدهور الاقتصادي والحالة السيئة التي وصل إليها حزبهم. والآن، فإن الديمقراطيين هم الذين يخشون خسارة مرشحهم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

أهلا بكم في عام 2008 حيث الجميع بائسون.

* خدمة «نيويورك تايمز»