الانتخابات الرئاسية في تونس تبدأ مبكرة

TT

يعيش المشهد السياسي التونسي منذ أسابيع، نوعا من الحراك الإيجابي، تكشف عنه بعض المبادرات والقرارات التي اتخذتها مؤخرا النخبة السياسية الحاكمة في تونس.

والمتمعن في طبيعة المبادرات المعلنة، يلحظ أنها تندرج في إطار توفير الأرضية المجتمعية والسند القانوني الميسر للاستحقاق الرئاسي بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية للعام القادم، وذلك من خلال وضع آليات جديدة تدفع بعجلة الديمقراطية إلى الأمام سواء فيما يخص القاعدة الشعبية أو أحزاب المعارضة.

ومن بين المبادرات المعلنة نتوقف عند اثنتين، نعتقد أنهما ذات أهمية وذلك لاعتبار أساسي، يتمثل في إثرائها للمدونة القانونية للممارسة السياسية في تونس وهو ما يجعل الحديث عن تحقيق مكاسب مشجعة حديثا في محله. وكما هو معلوم فإن القوانين هي من جهة وليدة حاجة ومن جهة أخرى تعتبر مستندا يعزز مجال الممارسة الديمقراطية آجلا أم عاجلا.

المبادرة الأولى أعلن عنها الرئيس زين العابدين بن علي في خطاب الذكرى العشرين للتحول (7 نوفمبر 2007) وتقوم على توسيع قاعدة مشاركة الشباب في الانتخابات وذلك بالتخفيض في السن الانتخابية من 20 إلى 18 سنة، مما سيتيح فرصة الاقتراع إلى نصف مليون شاب تونسي إضافي. من دون أن ننسى إقرار السنة الحالية للحوار مع الشباب ومن المفروض أن يفضي ـ أي الحوار ـ إلى صياغة ميثاق شبابي حول الثوابت والخيارات.

وفي هذا السياق نلحظ أن الخطاب السياسي التونسي الحالي، قد ضاعف تركيزه على فئة الشباب التي تبلغ قرابة نصف المجتمع التونسي. ومن زاوية سوسيو ـ سياسية، فإنه يمكن الإقرار بأن النخبة السياسية الحاكمة في تونس، اختارت ملف الشباب لتجديد مضامين المشروعية السياسية وذلك بما يتماشى والمتغيرات والتهديدات الأكثر خطورة وجدية، حيث ان ما عرفته تونس قبل أكثر من سنة وما سمي بـ«أحداث سليمان» الإرهابية، قد أطلق صيحة فزع في الحياة السياسية التونسية، التي تبنت منذ بداية الاستقلال مشروعا تحديثيا وثقافة تستند إلى الاعتدال والتسامح.

لذلك فإن تلك الأحداث أملت على النخبة السياسية الحاكمة، التفكير في آليات وطرق وبرامج تحاول استيعاب الشباب وتجعلهم أكثر وعيا ومسؤولية بحاضر تونس ومستقبلها.

المبادرة الثانية والتي تصب لصالح أحزاب المعرضة في تونس، والتي من المنتظر أن تساعد في تحقيق بعض مرونة في مسألة شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، وتشير آخر المعطيات إلى أن مجلس النواب بدأ النظر في مشروع قانون دستوري يتعلق بتنقيح فصل خاص بشروط الترشح إلى الرئاسة الجمهورية.

والجديد الذي سيضاف بعد المصادقة على مشروع هذا القانون، أنه سيمكن بصفة استثنائية لانتخابات 2009 أن يترشح لرئاسة الجمهورية المسؤول الأول عن كل حزب سياسي رئيسا كان أو أمينا عاما أو أمينا أول لحزبه بشرط أن يكون المترشح قد وقع انتخابه لتلك المسؤولية منذ عامين على الأقل. بالإضافة إلى إلغاء شرط تمثيل الحزب الراغب في الترشح في مجلس النواب وهي نقطة مهمة لأن ليست كل أحزاب المعرضة ممثلة في مجلس النواب.

إن هذه التنقيحات المزمع القيام بها من شأنها أن تساعد ولو قليلا على جعل مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات القادمة أكثر يسرا، مما قد ينبئ بحظوظ أوفر لتسجيل مشاركة نوعية، تُفعل المسار الديمقراطي الذي يتحمل مسؤولية حراكه جميع مكونات المشهد السياسي في تونس سواء الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة، خصوصا أن الديمقراطية تقتضي علاقة جدلية تكاملية بين الأطراف كافة.

لذلك فإن المنتظر أن تقطع تونس خطوة إلى الأمام، يتحسس وقعها الإيجابي المجتمع التونسي، وخاصة فئة الشباب التي لديها قائمة طويلة من التوقعات تنتظر الإشباع ولو بشكل نسبي.

وإذا كان الحزب الحاكم التجمع الدستوري الديمقراطي، قد رفع شعار التحدي، فإن أحزاب المعارضة مقبلة بالفعل على تحد مهم حتى ولو رفعت شعارات تعلن في ظاهرها عن قيم أخرى.

[email protected]