نقاش مع إيراني حول المسمى (2 ـ 2)

TT

نشرت أمس رسالة قارئ إيراني حاول توضيح تفاهة الخلاف حول مسمى الخليج العربي أو الفارسي، وهو أمر أوافقه القول لكن يهمني أن أوضح أن خوف العرب من إيران لا علاقة له بتسمية مياه الخليج بل من مشروع الهيمنة الإيرانية. نحن لا نريد أن نكون مشروعا لأحد، وإذا أردنا فمن حقنا أن نختار أي مشروع نراه يناسبنا، وهذه مسألة لا يحق لإيران أن تمليها علينا، ورفضنا لهيمنة إيران لا علاقة له بكون إيران فارسية أو شيعية، وسأبرهن عليه لاحقا.

إيران اليوم ترتكب ما حاوله صدام من قبل وفشل، وحاول فعله جمال عبد الناصر في الستينات أيضا وفشل، أي مشروع التمدد الجغرافي والهيمنة السياسية. لقد خسر الزعيمان كل شيء في بلديهما، انتهى عبد الناصر ضعيفا حتى في القاهرة بعد أن كان قويا في كل العالم العربي، وفر صدام الى حفرة في الأرض بعد أن كان يهز باستعراضاته كل المنطقة.

نرى القيادة الإيرانية الحالية ترتكب الخطأ، بحذافيره. فهي تريد أن تهيمن على العراق ولبنان، وتمد نفوذها الى سورية وفلسطين ودول الخليج العربية. مشروع طموح يكلفها اليوم مبالغ طائلة، مليارات الدولارات تدفعها سنويا بعضها بشكل مباشر بتمويل المناطق المتوترة مثل سورية وحزب الله وحماس وأحزاب عراقية، وبعضها تدفعه بشكل غير مباشر من خلال برنامج التسلح العسكري بحجة مواجهة الأميركيين. هذا الهدر المخيف سيفلس الخزينة الإيرانية، كما استنزف عبد الناصر في اليمن ولبنان ونحو عشرين دولة آسيوية وأفريقية، كما أفلس صدام العراق في حربين من عشرين عاما. ومن يسمع الخطب الرنانة للرئيس أحمدي نجاد اليوم يتذكر خطب عبد الناصر وصدام بالأمس. خطب متطابقة تتعهد بمحاربة القوى الأجنبية، وتدمير إسرائيل، وتحرير المنطقة من الطغيان والدفاع عن العالم الإسلامي، أو العربي في حال عبد الناصر وصدام. المثير للاستغراب أن إيران بلد نام بسيط، وبدل أن يطور الرئيس نجاد بلده، الذي عاش جمودا تنمويا دام ثلاثين عاما، يصر على أن «ينقذ» البلدان المجاورة على حساب المواطن الإيراني، الذي أثق أنه يتطلع الى إنفاق أمواله وجهد حكومته من أجل بناء بلده على كل المستويات. ومن نافلة القول إن إيران عندما تكون قوية من الداخل تصبح تلقائيا ذات نفوذ لا يمكن أن يستهان به.

مشكلتنا مع المشروع الإيراني ليست مسألة عنصرية ضد الفرس أو طائفية ضد الشيعة، بدليل أننا كنا ضد نفس المشروع الذي حمله عبد الناصر العربي السني وكنا ضد نفس المشروع الذي رفعه صدام العربي السني أيضا. ما يريده العرب، وكذلك الإيرانيون، منطقة مستقرة، فإن أرادت الشعوب أن تتحرك وتغير واقعها فهو أمر يعود إليها، ولسنا بحاجة الى نجاد ليتطوع بتحرير فلسطين، دون أن يطلب منه الفلسطينيون ذلك.

أما الخليج فسمه ما شئت، فأنا لا أعتبر الاسم مسألة كرامة أو حقا وطنيا يستحق الخلاف، بل هو استدلال جغرافي وحسب، كما قال الأخ الايراني الذي أتفق معه في هذه الجزئية.

[email protected]