صحوة «كلينتون»

TT

وصلت مستويات تأييد هيلاري كلينتون في سعيها للترشح في السباق الرئاسي إلى آفاق جديدة منذ الانتخابات الأولية التي شهدتها ولاية بنسلفانيا. ويمكن القول، إن أكثر ما يثير قلق أنصار باراك أوباما هو توجه هيلاري للفوز في الانتخابات الكبرى التي تجري في الولايات القادرة على التأثير بشكل حاسم في النتيجة النهائية للسباق. وفي حال فوزها داخل ولاية إنديانا، فإن ذلك سيكون بمثابة كارثة عليهم.

وفي خضم فرحته بالنصر يوم الثلاثاء الماضي، أعلن مايكل نتر، عمدة فيلادلفيا أمام الجماهير المهللة: «لقد عادت السيناتور هيلاري رودهام كلينتون من جديد!

وفي الوقت الذي شعر نصف الأميركيين من أنصار الحزب الديمقراطي بالألم جراء ذلك، شعر النصف الآخر بالغبطة وهم يشاهدون إصرار هيلاري على المضي قدماً، مما دفع مؤيديها للصياح: «نعم بإمكاننا»، في إشارة إلى الوصول إلى مقعد الرئاسة.

من ناحية أخرى، وفيما يتعلق بأوباما، فإنه على الرغم من وعوده أخيرا بأن «يتحدث بصراحة»، فإن سرقة شعار انتخابي آخر ما زال أمراً غير لائق.

وبالنسبة لكلينتون، فرغم تفهم الجميع لقلة الموارد المالية المتوافرة لديها، إلا أنه لم يكن من المناسب مطالبة مؤيديها والمتطوعين المخلصين في حملتها بخمسة دولارات مقابل كوب من الصودا تناولوه في حفل الاحتفال بالانتصار.

والأمر الذي يمكن لجميع أنصار الحزب الديمقراطي الاتفاق بشأنه هو أن كلينتون امرأة صارمة بالفعل. وفي حفل الانتصار، ظهرت كلينتون ولسان حالها يقول «لن أتراجع»، ثم ظهرت تشيلسي وبيل كلينتون الذي كان قد شارك للتو في لقاء عبر الإذاعة، أشار فيه إلى مذكرة غامضة قال إنها تثبت أن حملة أوباما لعبت بـ«بطاقة العنصرية» في ولاية كاليفورنيا الجنوبية. وعندما تم توجيه سؤال إليه بشأن هذه المذكرة في وقت لاحق، اتهم المراسل بعدم الاهتمام بهذه القضايا.وتعانق الزوجان هيلاري وبيل كلينتون لفترة طويلة وربتت هيلاري على كتف زوجها. ومن الصعب تحديد ما إذا كان ذلك قد جاء كتعبير عن الحب أم محاولة من جانبها لتهدئة غضب زوجها.

وفي تصريح لها أمام مؤيديها، أعلنت هيلاري كلينتون أن «الشعب الأميركي لا يعرف الاستسلام، ويستحق رئيساً لا يعرف الاستسلام أيضاً». ومنذ اشتعال حملة أوباما بدعوته إلى حياة سياسية تقوم على الحزبين الديمقراطي والجمهوري معاً وتتميز بالعقلانية والرقي، أخبرت كلينتون حزبها أن ذلك ليس سوى وهم كاذب، وأن الحياة السياسية اتسمت دوماً بالخسة واللامنطقية، وأن هذا الأمر يتفاقم كلما اتجهنا لأعلى.

وفي بنسلفانيا، عاد عليها ذلك بنتائج جيدة. وعندما كان يسيطر على هيلاري طابع سلبي، كان ذلك أسلوبها لتوضيح ما يتعين على المرء فعله للفوز. إلا أنه عندما كان يهاجمها أوباما ردا على مهاجمتها إياه، كان يلجأ بذلك مجدداً للسياسات القديمة. وإذا كانت السياسات القديمة هي التي سنحصل عليها في نهاية الأمر، فلماذا إذاً لا نختار هيلاري؟! ورغم أن أوباما بدا في الفترة الأخيرة بعيداً عن مستواه، إلا أنه مازال يتمتع بفرصة جيدة للفوز بالترشح للرئاسة.

وبمجرد انتهاء المنافسة، ستدفع كلينتون بالتأكيد أنصارها للوقوف خلفه ومساندته. وخلال بضعة أسابيع، سيتعامل معه كلينتون كأب ويوطد صداقته معه. والتساؤل الآن، إذا حدث العكس وفازت هيلاري، هل بمقدور أوباما فعل المثل معها؟ الإجابة: نعم.

يذكر أنه خلال المناظرة التي أجريت بينهما في بنسلفانيا، تعهد المرشحان الديمقراطيان بعدم فرض المزيد من الضرائب على الطبقة الوسطى، لكن كلينتون أرادت إظهار صرامتها بتعهدها بـ«محو» إيران حال إقدامها على مهاجمة إسرائيل. ولا أحد يعلم ماذا يخبئان للقائهما في إنديانا.

* خدمة «نيويورك تايمز»