عندما راقصت نفسي

TT

في مقابلة صحفية مع إحدى ممثلات (هوليوود) ـ سألوها عن أغرب وأحب ذكرياتها فقالت:

عندما كان عمري سبع سنوات كنت شقية ومتطلبة وأكبر من عمري، وأذكر أن والدتي أعطتني ثلاثة دولارات لأشتري بها بعض لوازم المدرسة، وفي طريقي مررت بجانب محل (مكنتوش) الشهير للحلويات، ورأيت صاحبه مكنتوش بجسمه الضخم واقفاً وراء المنصة، فجفلت وترددت في البداية، ولكنني عقدت العزم وقلت له وأنا أتمتم: من فضلك يا سيدي، إن كعكة الزواج التي في (الفترينة) في غاية الجمال والروعة، فهل من الممكن أن احجز مثلها، وإنني على استعداد الآن أن ادفع (عربوناً) مقدماً لها.

فضحك الزبائن من طلبي هذا ضحكاً عالياً، غير أن صاحب المحل لم يضحك معهم، ولكنه اخذ كلامي مأخذ الجد، وفوجئت به ينحني أمامي بأدب ويسألني: متى تريدين أن تتسلمي تلك الكعكة يا صغيرتي؟!

ـ لن أتسلمها قبل مضي سنين، ولكن أريد أن أستوثق وأتأكد أن تكون مثل هذه تماماً.

ـ تأكدي أنها إن لم تكن مثلها فسوف تكون أجمل منها، ولكن أعطيني المقدم.

وفعلاً مددت له الثلاثة دولارات (المعرفطة) التي في جيبي، وأخذها مني، وكتب لي إيصالاً بها ومرت الأعوام، وأخذت استحي مما صنعت إلى درجة أنني أصبحت ابتعد عن ذلك المحل كلما سرت في ذلك الشارع، واسلك طرقاً بعيدة كلما ذهبت ورجعت من المدرسة.

وبعد ما يقارب من عشرين سنة، وفي ليلة الاحتفال بعرسي، وإذا بعلبة كبيرة ملفوفة بأناقة يأتون بها إليّ، وعندما فتحتها وإذا بي أتفاجأ أنها (كعكة أو تورتة) رائعة، ومعها فاتورة، وصورة من الوصل الذي دفعته عندما كان عمري سبعة أعوام، وفيها التالي:

(تورتة) زواج واحدة.

3 دولارات على الحساب.

بقية الثمن (هدية من شركة مكنتوش) مع أصدق الأمنيات بالسعادة.

وكانت تلك اللفتة أو الهدية التي لا يمكن أن أنساها أجمل وألذ الهدايا، وقد أكلتها تلك الليلة ولم آكل معها أي شيء آخر سوى زوجي، وفي الصباح أصيب زوجي بعارض صحي.

وتعليقي هو: مسكين ذلك العريس..

***

مشكلة الكثير من الناس أنهم هواة لحمل الهموم ولا أقول الأثقال، فهم يحملون هموم الماضي، وهموم الحاضر، وكذلك هموم المستقبل، ولا يجدون الوقت الكافي لاسترداد أنفاسهم والاستمتاع بالوقت، مع أن الوقت متاح لهم على مدار الساعة، وكاذب هو من يقول: إن الظروف التعيسة هي التي أجبرتني على ذلك، فكلنا، بل انه ليس هناك واحد على ظهر هذه البسيطة ابتداء من الامبراطور إلى أصغر شحاذ، الكل ليس راضياً ويطلب المزيد.

هل تصدقون أنني في الليلة البارحة عندما دخلت إلى منزلي المظلم وأدرت مفتاح الكهرباء وغمر النور المكان، صحت لا شعورياً وبأعلى صوتي، وليس هناك أحد يسمعني وقلت بسعادة ليس لها حد: الحمد لله.

وبعدها رحت أراقص نفسي.

[email protected]