قل.. ولكن لا تقل

TT

ندمت؟ نعم على عدد من المقالات. بعضها أغضب الأصدقاء وبعضها أسعد الأعداء. ولكن هذه المقالات مثل دموع العين إذا نزلت لا تعود.. وبعض الناس يقبل العذر.. وبعضهم تنفتح شهيته على الخصام. ويقال إن الإمام الشافعي هو الذي قال: إن كلمة الحق لم تترك لي صديقاً!

ويقال إن أستاذنا أرسطو هو الذي أعلن: إن سقراط أستاذي وأفلاطون صديقي. ولكن الحقيقة أهم عندي من الاثنين. وقد حدث كثيراً أن داعبت الأصدقاء والزملاء. فكانت الدعابة غليظة فغضبوا ولم يقبلوا عذري. وجاملت وأسرفت على نفسي في المجاملة فغضب الصديق والعدو معاً. ومن الصعب ألا أمدح ومن الصعب ألا أقدح.. لا بد من قليل من هذا وقليل من ذاك وهذا الذي أراه قليلاً يراه الآخرون كذلك!

ولا تصدق من يقول لك: أنا أحب الصراحة. ولا أتضايق من الحقيقة. احترس. إياك أن تصدق أن أحداً يحب أن يتعرى أو يعرف الناس حقيقته. ويكفي أن تنظر إلى نفسك وإلى أي إنسان.. إلى ملابسك. وانظر إلى المرأة كم ساعة تقف أمام المرأة تخفي حقيقتها وتشد نهديها وردفيها وترفع كعبيها وتجمل خديها وشفتيها ـ فهل بعد ذلك تغيير لواقعها.. ثم بعد ذلك تصدقها إذا قالت لك: أحب الحقيقة!

كثر من الناس الطيبين يسألونني: قل لي رأيك؟ فأقول: لا أعرفك جيداً حتى أقول. كيف أقول وأنا لا أعرف نفسي؟ أعطني فرصة فإذا عرفت نفسي فسوف أقول لك رأيي في نفسك وجسمك وعقلك.. وهكذا أكون قد قلت ولم أقل!