كم طول شعرة من شاربك

TT

كنا نستخدم مثل هذه الشعيرات في علوم الفيزياء: حزمة ضوئية تماماً مثل حزمة فجل أو جرجير.

وكان الإغريق يقولون إن الذرة هي أصغر شيء، ولا يمكن أن تنقسم. ولم يعد أحد يقول حزمة ضوئية وموجة صوتية.. أما الذرة فتنقسم ويوم حطمها العلماء أو شطروها كان انقلاباً أدى إلى الانفجار النووي. الانفجار الذري والهيدروجيني والكوبالت وأسماء أخرى كثيرة مرعبة، وكلها من اكتشاف الإنسان للقضاء على الإنسان أو دفعه بصورة جنونية إلى ذلك.

وظهرت علوم الأشياء الصغيرة أو المتناهية الصغر. ويمكن أن نقول اللامتناهية في الصغر. فإذا أنت نزعت شعرة من شاربك أو من لحيتك فسمكها واحد على جزء من أربعين ألف مليون من المتر. وظهر علم جديد اسمه نانو تكنولوجي.

ولم يظهر هذا الاسم إلا أخيراً جداً من حوالي ثلاثين عاما. أما الذي أشار إلى هذا المجال، فهو عالم أمريكي في محاضرة ألقاها يوم 29 ديسمبر سنة 1959. العالم اسمه فايمان. قال: إن هناك مساحات هائلة تحت ـ أما تحت هذه فهو يقصد عالم الذرات الضئيلة، وأنه يمكن فصلها بعضها عن بعض ودراستها وعلاجها إن كانت مريضة واحدة واحدة. وكانت هذه نبوءة وقد صدقت تماماً. أما صاحب هذه التسمية فهو الفيزيائي «نوموتانيجوكي».

ان هذا العالم الجديد قد اختار مجالاً للبحث في واحد على ألف مليون من المتر وواحد على ألف مليون من الثانية، فأي علم هذا الذي وصلنا إليه أو إلى أين يذهب بنا هذا العلم. وقديماً كان الفيلسوف الإغريقي هرقليطس يقول إن الحركة مستحيلة. لأنك لكي تقطع متراً يجب أن تقطع نصف متر وربع متر. واحد على عشرة وواحد على ألف. فأنت ـ إذن ـ غير قادر على أن تفعل ذلك. إذن فأنت تتحرك ولا شيء يتحرك، وإنما الذي نراه وهم في وهم!

صعب الكلام؟ نعم. ولكن هذا هو ما نستطيع أن نقول وأن نفهم فهذه حدود غير المتخصصين. ولكنها معلومة متواضعة.