انتخابات لاتيه

TT

«لاتيه»! للذين لم يتعودوا على الديمقراطية الأمريكية وفيها يجدون أن سباق الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا لمعرفة خيار الحزب الديمقراطي قد طال وزودوا قليلا في التلاسن الحاصل بين أبرز المرشحين وهما السيناتور عن ولاية إلينوي الأفريقي الأمريكي باراك اوباما، والسيناتورة عن ولاية نيويورك وأول امرأة ترشح بشكل جدي السيدة هيلاري كلينتون، ولكنها الديمقراطية الأمريكية التي تأخذ شكلا جديدا في هذا السباق. فنجد أن السباق بدأ مبكرا عما هو متعارف عليه تقليديا، وذلك لاستجماع أكبر قدر ممكن من الحملات الترويجية والتبرعات النقدية باستخدام التقنية الحديثة وتحديد شبكة المعلومات العنكبوتية الإنترنت. فباراك أوباما يواصل تحطيم الأرقام القياسية في حجم الأموال المجمعة عبر الشبكة بشكل ساعده على نشر رسالته ودعم حملته بأسلوب فعال مكنه من نيل ثقة الشباب بالذات. وإذا كان الحزب الديمقراطي قد تمكن اليوم من حصار الذهنية الأمريكية في التفكير بالأفريقي الأمريكي «الأول» والمرأة «الأولى» لمنصب الرئيس الجذاب والساحر، إلا أن الفروق في السياسات والأهداف بين الاثنين ليس بالشيء الكثير الذي يذكر، وعليه فإن الرهان سيكون حتما على من يستطيع أسر الناس وتحقيق حلمهم في هذا الإنجاز التاريخي. والصراع الآن بين أوباما وهيلاري أخذ أشكالا من الممكن وصفها بالحماقات الشخصية السخيفة والبعيدة تماما عن الحملة المحددة الأهداف والواضحة الملامح التي يتبناها كل طرف. باراك أوباما يمثل الجيل الجديد من الأمريكيين، جيل بدون لون أو عرق، جيل منصهر مع الشكل والصورة الأمريكية الأكبر. هيلاري كلينتون تمثل المرأة وطموح فترة الستينات للحركات النسائية والفكر الليبرالي الكلاسيكي، وهي تمكنت من جذب الأصوات النسائية بقوة وبشكل واضح وفي معظم الولايات وبدون استثناء.

بينما تتخبط كل مجهودات أوباما وهيلاري كلينتون وتجهد أنفاسهما بشكل هائل، يستمر مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين في حملته بهدوء السلحفاة، ويطرح برنامجه المتطرف وهو المؤيد وبقوة للاحتلال الأمريكي للعراق حتى لو تطلب الأمر مائة سنة، وغيرها من السياسات الداخلية المتضاربة. ويتردد أن جون ماكين يستعد لجذب وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية كونداليزا رايس لمنصب نائب الرئيس في حملته الانتخابية لأنه بذلك سوف يضرب عصفورين بذات الحجر الواحد فهي امرأة وهي أيضا أفريقية، إلا أن هناك أصواتا قوية داخل حملته الانتخابية تفضل الابتعاد عن كل رموز الإدارة الأمريكية الحالية نظرا لفقدانها كل المصداقة والجدارة، وخصوصا أن كونداليزا رايس كانت احد أهم أبواقها وأهم محركاتها، بالإضافة الى أنه يوجد اعتقاد أن كونداليزا إذا كان لديها أي طموح سياسي أكبر فهي تريد فترة انقطاع قليلة لكي يغفل الناس بذاكرتهم عن تجربة الإدارة الحالية وأي مرشح مستقبلي منها.

الانتخابات الأمريكية آخذة في السخونة بالرغم من البرود الواضح للبرامج الانتخابية للمرشحين حتى الآن، إلا أن هناك «كروت لعبة» لم تظهر حتى اللحظة وهي بحوزة كل فريق، ويستعدون لإظهارها في الوقت المناسب. قواعد اللعبة السياسية تغيرت، والبقاء فيها لم يعد للأقوى ولا للأسرع ولكن للأخطر!

[email protected]