سينما

TT

إحساس جميل ينتابني في كل مرة أجد نفسي في إحدى دور السينما أتابع فيلما سينمائيا لأول مرة، فللسينما متعة لا يمكن الحصول عليها كاملة إلا في دور العرض، ووسط جموع الناس، وليس أدل على تأثير السينما على المتلقين من بقائهم صامتين لأكثر من تسعين دقيقة، معلقة أبصارهم بتلك الشاشة السحرية التي تعرض ذلك الفن العظيم..

وقد أتيح لي مؤخرا مشاهدة أكثر من فيلم عربي حديث في إحدى العواصم العربية، كان آخرها فيلم «الجزيرة» بطولة أحمد السقا، الذي تابعت فيه أحداث الفيلم، وخلفي نصف «دستة» من الأطفال لم اسمع لهم صوتا طوال مدة العرض باستثناء بعض الضحكات التي تفرضها الأحداث.. يومها جلست أفكر أي شيء يمكن أن يثير انتباه الصغار والكبار التلقائي طوال هذه المدة غير هذا الفن العظيم، فالسينما ليست متعة فحسب، ولكنها نافذة ثقافة، وتهذيب للسلوك أيضا، فالناس تتجمع في مكان واحد، وتتعلق بقصة واحدة، يضحكون معا، ويحزنون معا في توحد فريد للمشاعر..

حتى الذين ظنوا في بدايات ظهور التلفزيون أو تكاثر القنوات الفضائية أن ذلك سيكون على حساب السينما لم يضعوا في اعتبارهم تأثيرات الأجواء النفسية الخاصة بقاعات العرض، والتي لا تتحقق اشتراطاتها في القنوات الفضائية أو حتى في السينما المنزلية..

ومما يؤسف له أننا في السعودية حتى اللحظة لم نحسم موقفنا من السينما، فعلى الرغم من وجود محاولات سينمائية واعدة إلا أن فكرة إنشاء دور للعرض السينمائي لم تزل متعثرة، رغم وجود آلاف الأفلام العربية والغربية التي تقوم ببيعها محلات الفيديو داخل البلاد..

وأنا أغبط السينمائيين السعوديين على إصرارهم الكبير على ثقب جدار الممانعة تجاه هذا الفن الجميل، فهاهم سيقيمون في الفترة من 20 إلى 24 من الشهر الجاري في مدينة الدمام أول مسابقة للأفلام السعودية، وتضم هذه المسابقة العشرات من الأفلام الروائية والوثائقية، فعدد الأفلام التي تلقتها اللجنة التنظيمية لهذه المسابقة بلغ 58 فيلما في مختلف المجالات..

هؤلاء السينمائيون الذين وصفتهم ذات مقال بأنهم كمن «عبأ الحطب قبل ما خطب» بقفزهم إلى مرحلة إنتاج الأفلام قبل توفير دور العرض، أشعر اليوم أنني أتعاطف مع طموحاتهم، وأدرك أن إصرارهم على ممارسة هذا الفن العظيم ربما يكون وسيلة الإقناع التي تمهد لاحقا لإنشاء دور للعرض السينمائي تمكنهم من الوصول إلى المتلقي بإبداعاتهم.. ولهؤلاء السينمائيين أمنيات تليق بحجم طموحاتهم.

[email protected]