المساواة في العلاج

TT

تستفزني منذ زمن طويل فكرة وجود أجنحة خاصة في المستشفيات العامة تعنى بكبار الشخصيات؛ ففي العلاج يفترض تحقيق مبدأ المساواة بين جميع مرضى المستشفى العام، وأن يكون التمايز بين الأجنحة بحسب الحالات المرضية التي تتطلب عناية أكبر من غيرها لا بحسب شخصية المريض، وعلى كبار الشخصيات الذين يبحثون عن التميز في المستشفيات العامة أن يدفعوا ثمن ذلك التميز في المستشفيات الخاصة بدلا من مضايقة الآخرين في المستشفيات الحكومية المخصصة لعلاج المواطنين ممن لا تسمح إمكاناتهم باللجوء لغيرها، لذا وجدت نفسي أقف احتراما لتوجيه أمير منطقة عسير فيصل بن خالد بن عبد العزيز للمديرية العامة للشؤون الصحية في منطقته بإلغاء جناح التنويم المخصص لكبار الشخصيات بمستشفى عسير المركزي، وتمكين المرضى من الاستفادة من خدماته من دون استثناء، وتأكيده أن جميع المواطنين سواسية فيما تقدمه الدولة من رعاية صحية.. هذا القرار العظيم يعكس ثراء الشعور الإنساني لدى الأمير فيصل بن خالد، الذي جعله يستشعر أن مثل هذا الجناح الخاص المخصص لكبار الشخصيات قد يحرم من هم أحوج للرعاية الصحية في مستشفى يشهد ازدحاما وتكدسا وتأجيلا للكثير من الحالات المرضية بحجة عدم وجود سرير..

أتمنى أن تنقل هذه الخطوة العظيمة التي بدأها أمير عسير إلى غيرها من المناطق، فتقوم وزارة الصحة ليس فقط بإلغاء مثل هذه الأجنحة أينما وجدت، ولكن بالارتقاء أيضا ببقية أقسام المستشفيات لتكون في مستوى هذه الأقسام عناية ورعاية وتجهيزا. فالمساواة في العلاج مطلب إنساني لا يجادل أحد في أهميته. ففي مواجهة المرض يتساوى في المعاناة «صغار الشخصيات» مع كبارها، فالألم واحد، والإنسان هو الإنسان..

وفي سياق الحديث عن المستشفيات العامة أو المركزية أشعر أن هذه المستشفيات تحتاج إلى الكثير من الدعم لزيادة قدرتها الاستيعابية، فليس من المقبول أن يؤجل المرضى آلامهم، أو البقاء في غرف الطوارئ إلى حين شغور أسرة لاستقبالهم، خاصة وأن الكثير من الناس لا تتوفر لديهم إمكانات التعامل مع المستشفيات الخاصة، فلا قدرة لدخولهم المتواضعة على تحمل أسعارها، وبالتالي فإن هذه المستشفيات المركزية يفترض أن تكون الملاذ الطبي الذي لا يغلق أبوابه في وجوه المرضى بحجة عدم وجود سرير، فتوفير سرير لمريض يفترض أن يكون له الأولوية على كل أوجه الإنفاق الأخرى.. فكل شيء قابل للانتظار إلا الألم.

[email protected]