هايل هتلر

TT

بتوالي المصائب والهزائم على الشعب الالماني انهال الجمهور بالشتائم على هتلر. اصبح من المعتاد لهم ان يلقبوه فيما بينهم بالكلب والخنزير. وترتبت على ذلك نكات وتقليعات ظريفة. كان منها ما رواه احد ضباط الدبابات بعد الحرب. قال ان ضابطا زميلا له خرج من المعسكر مسرعا بسيارته الى بيته الريفي. ولسوء الحظ وبسرعته العالية قدر له ان يدهس كلب احدى المزارع ويقتله. اوقف سيارته وأمر الجندي السائق بالذهاب الى بيت صاحب المزرعة ويخبره بما حدث. ذهب الجندي وفعل ذلك ولكنه عاد محملا بالشكولاته والفواكه. استغرب الضابط من الأمر فسأله ماذا فعل ليحصل على كل هذه الهدايا. فأجابه قائلا: «لا ادري. طرقت الباب فخرجت سيدة البيت فرفعت يدي بالتحية وقلت: هايل هتلر! الكلب مات.. فأسرعت للداخل وجاءتني بكل هذه الهدايا».

اشتهر الممثل السينمائي بيتر لور بدوره في احد الافلام البوليسية التي قام فيها بدور «قاتل». وراح الناس يلقبونه بهذه الكلمة. كتب اليه احد المخرجين السينمائيين يدعوه للعودة الى المانيا ليشترك بفيلم جديد. لم يكن المخرج يعرف بأن بيتر لور كان يهوديا. فأجابه قائلا: «آسف، لا مجال في المانيا لوجود قاتلين اثنين في نفس الوقت: انا وهتلر».

السخرية من هتلر ونظامه النازي انتشرت بصورة خاصة بين الفنانين الذين اعتادوا في كل مكان على المبادئ اليسارية. برز بينهم الرسام الكاريكاتيري ديفد لوف الذي واظب على نشر صور كاريكاتيرية لاذعة عن النازية طوال العشرينات والثلاثينات. صرح بعد الحرب قائلا: «اذا كان هتلر قد فشل في اقامة نظامه الجديد، فإنه بدون شك نجح في تأسيس الامم المتحدة للكاريكاتيريين».

غصت المسارح بتقليعات الكوميديين. كان منها عرض يمثل قمع حرية التعبير. يخرج الممثلون الى المسرح وقد لصقت افواههم بشريط. يجلسون هكذا لعدة دقائق ثم يخرجون بدون اي كلمة. يطلع المخرج على المسرح ويعتذر: «سيداتي سادتي. بعد هذا الفصل السياسي سنبدأ الآن بالتسلية».

غصت الكباريهات بالكوميديين الساخرين وبرز منهم بصورة خاصة فرنر فنك الذي اغلقت السلطات مسرحه عدة مرات. اوغل في احدى المناسبات بالتهكم على الحكم النازي حتى اعترض عليه احد الحاضرين صارخا: «يهودي قذر!» فأجابه فنك:«انا ابدو ذكيا فقط!» ثم لاحظ ان احد رجال الجستابو كان جالسا بين الجمهور فالتفت اليه قائلا: «اتريدني ان اتكلم ببطء اكثر؟».

لم يبق لهتلر في الأخير غير ان يصدر اوامره بغلق كل الكباريهات. كان الجيش الالماني قد اجتاح عندئذ النمسا والقوا القبض على الكثير من النخبة المثقفة فيها. كان بينهم سيغموند فرويد. لم يجرؤوا على اعتقال ذلك العالم النفساني الشهير فخيروه بالهجرة من البلاد ففعل. طلبت منه الجستابو ان يوقع على بيان يعترف فيه بأنهم لم يسيئوا معاملته. فكتب ووقع هذه السطور: «الى من يهمه الأمر، استطيع من كل قلبي ان اوصي اي شخص بمعاملة الجستابو. التوقيع سيغموند فرويد».