سجن العار .. سجن غوانتانامو

TT

لقد سجن زميلي في مجلة «نيويورك تايمز» باري بيراك بواسطة النظام الوحشي في زيمبابوي الشهر الماضي. ولم يتم ضرب باري، لكنه أصيب بالأمراض بسبب السجن المليء بالحشرات. وبعد أربع ليال في السجن، واجه محاكمة ثم أطلق سراحه.

يا للهول! إننا لا نعامل سجناء غوانتانامو بهذا الحد من احترام القانون. وفي يوم الخميس الماضي، أفرجت أميركا عن سامي الحاج مراسل قناة «الجزيرة» الذي سجن بدون محاكمة لأكثر من 6 سنوات. وقد زعم الحاج صادقا أنه ضرب وأنه عوقب على قيامه بالإضراب عن الطعام، وتم إجباره على تناول الطعام عن طريق خراطيم إلى أنفه وحلقه بدون مادة سائلة تسهل عمل ذلك.

يقول الحاج في مقابلة تلفزيونية أجريت معه وهو يرقد على سرير في أحد مستشفيات الخرطوم: «إن الظروف في غوانتانامو سيئة للغاية. وهناك توجد حيوانات تسمى الإغوانة (عظاءة أميركية كبيرة).. وهي تعامل باحترام أكثر منا».

وقد أوضح وضاح خنفر، مدير قناة «الجزيرة» في مكالمة هاتفية من المستشفى الذي يعالج فيه الحاج أنه كان في حالة يرثى لها حتى أنه نقل في سيارة إسعاف من المطار إلى المستشفى. ولا يسمح لمعتقلي غوانتانامو برؤية عائلاتهم، ولذلك كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الحاج ابنه الذي بلغ من العمر 7 سنوات، وكانت آخر مرة رآه فيها وهو رضيع. وهناك معلومات نادرة عن معتقل غوانتانامو ولكننا نحصل على المزيد من المعلومات التي تعكس لنا صورة الحياة هناك، وهي صورة مؤلمة. وقد نشر مورات كورناز، وهو مواطن ألماني من أصل تركي، مذكراته حول 5 سنوات قضاها في غوانتانامو. وقد وصف التعذيب الطويل الذي تعرض له، بحيث استدعى تدخل الأطباء لمعرفة ما إذا كان من الممكن مواصلة التعذيب. وقد كتبت ماهفيش روخسانا خان، وهي امرأة أميركية من أصل أفغاني وكانت تعمل مترجمة، كتابا سيتم نشره الشهر المقبل، بعنوان «مذكراتي في غوانتانامو»، تحكي فيه عن طبيب أطفال رجع إلى أفغانستان عام 2003 لمساعدة بلاده، ولكن قبض عليه من قبل الأميركيين وتم ضربه وتعذيبه وتغطيسه في الماء المثلج وتعرية جسده كله. وبعد ثلاث سنوات قرر المسؤولون أنه كان بريئا وأرسلوه إلى بلده.

وهناك كتاب جديد عن غوانتانامو، كتبه محام أميركي يدعى ستيفن واكس، وعنوانه «كافكا يأتي إلى أميركا». وهو يعرض لحقيقتين بشأن غوانتانامو؛ الحقيقة الأولى هي: أن معظم المعتقلين ربما يكونون أبرياء، لكن المسؤولين في باكستان وأفغانستان سلموهم للأميركيين في مقابل مبالغ مالية. فبمجرد أن أعلنت أميركا عن جائزة 25000 دولار لأي شخص يقبض على أحد عناصر «القاعدة»، كان يجري خطف أي عربي في المنطقة ويتم تسليمه على أنه متهم بالإرهاب. والحقيقة الثانية هي: أن التعذيب كان يتم بطريقة منهجية منظمة. وهذا هو السبب في موت أكثر من 100 سجين في المعتقلات الأميركية في أفغانستان والعراق وغوانتانامو. ومن المؤكد أنه من الصعب معرفة الحقيقة هنا. ومنذ أن بدأت في الكتابة عن غوانتانامو منذ بضع سنوات، كنت أعتقد أن المعتقلين قد يكذبون وأن البنتاغون يعلن الحقيقة. ولا شك أن بعض المعتقلين يكذبون، وأن بعضهم إرهابيون بالفعل. ولكن مع مرور الوقت ـ ومن المؤسف أن أقول ذلك ـ اكتشفت أن المعتقلين أكثر صدقا من المسؤولين الأميركيين.

وقد حاولت كوندوليزا رايس وروبرت غيتس إغلاق معتقل غوانتانامو لأنه يسيء إلى موقف وسمعة أميركا. لكنهما كانا يواجهان ديك تشيني وغيره من المتشددين. وفي الحقيقة، لم يكن أي عدو حقيقي ليستطيع تشويه صورة أميركا والإضرار بمصالحها بالدرجة التي فعلها كل من بوش وتشيني.

* خدمة «نيويورك تايمز»