ينام قرير العين هانيها!

TT

أنت لا تختار هوايتك وإنما هي التي تختارك. فإذا هي اختارتك كانت المتعة الحقيقية. وكما في الحب يكتمل الوجدان والشوق بأن تحب وأن تكون محبوباً أي تحب الهواية وتحبك هي أيضاً. وقد اخترت هواية لعبة الشطرنج ولكن الفلك هو الذي اختارني ورفع رأسي إلى السماء. وهو أيضاً الذي جعلني أحنى رأسي راكعاً ساجداً لعظمة الله. حاولت وتعلمت الشطرنج وهي كلمة هندية (شطارانجا) ومعناها لعبة الحرب. وقد انتقلت هذه اللعبة مع الحملات الصليبية من الشرق إلى أوروبا والعرب هم الذين جعلوا لكل مربع في رقعة الشطرنج اسماً ورقماً (64 مربعاً). وهي لعبة بين اثنين من المنافسين واحد قواته بيضاء والثاني سوداء: ملكان ووزيران وأربع من القلاع وأربعة من الخيول وأربعة من الأفيال وستة عشر جندياً. وفي أثناء اللعبة يمكن إخراج كل هذه القوى إلا الملك فهو لا يبرح رقعة الشطرنج حتى لو قال الفائز «شيك ميت» أي الشيخ مات..

ولكي أفهم وأتعمق وأتمكن اشتريت عددا من كتب الشطرنج: كيف تبدأ وكيف تلعب في وسط الرقعة، وكيف يموت الشيخ في أقصر وقت. فهي في حاجة إلى ذكاء وخيال. ولكن لاحظت أن الأطفال الصغار يفوزون وأخسر أنا وأندهش لذلك. وتكون الهزيمة سريعة مع أنهم لا قرأوا ولا أجهدوا رؤوسهم. وعرفت غلطتي. ولكن بعد أن مللت وأعلنت فشلي في أن أجعل لعبة الشطرنج هواية تريحني. غلطتي أنني قرأت كتب أبطال الشطرنج وبالذات البطل الروسي يخلين.. كيف يلعب بالحصان وكيف يلعب بالقلاع وكيف يحاصر الملك بعد حركات قليلة لقواته. وغلطتي هي غلطة الغراب يقلد الطاووس، أو الذي أراد أن يتعلم ركوب الخيل فقرر أن يركب أحد الثيران الوحشية.. فهجرت اللعبة الجميلة وأحمد الله لأنه لم تنسد نفسي عن هواية أخرى هي الفلك والنظر إلى السماء في التلسكوب المتواضع عندي، أو في المراصد العالمية وكل يوم تصدر كتب جديدة وتظهر اكتشافات رائعة..

ولا أظن أن شيئاً آخر يسعدني ويجعلني (أنام قرير العين هانيها) كما يقول شاعرنا حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية عن عمر بن الخطاب وكيف أنه بعد أن حكم فعدل كان ينام قرير العين هانيها!