لماذا لم يتظاهر المصريون؟

TT

الحكومة المصرية يبدو انها ترتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبته المعارضة، بالادعاء انها وصية على الناس، فهي تسعى الآن لرفع الاسعار بعد ان فشلت المظاهرات الموعودة ضدها. لكن من المبكر ان ننتقد الحكومة قبل ان ترفع الاسعار، وقبل ان يتظاهر الناس ضدها. اما القصة الأهم فهي فشل المعارضة في تحريك الشارع، وعدت وفشلت فارتكبت خطأ لا تقدم على مثله أي معارضة في العالم؟

جعلت نفسها عرضة للتقييم، بعد سنوات من التخمين انها تمثل أكثرية السبعين مليون مصري. لم يخرج الى الشارع الا بضعة افراد، رغم الضجيج الذي استبق الموعد المضروب بأسبوعين، والذي شاع موعده عالميا وتناقلته الوكالات ووسائل الاعلام والمواقع الالكترونية. استيقظ العالم على توقيت التظاهر الخطير في القاهرة، وجهزت وسائل الاعلام الدولية إمكانياتها لتسجيل المصادمات، خاصة بعد ان أيدت حركة الاخوان المسلمين المظاهرة. حركة الاخوان، زعيمة المعارضة الشعبية، كان يقال انها تستطيع تحريك مليون شخص بإشارة من اصبعها ورغم ايام من التعبئة لم يلب الناس الطلب.

مر الأحد كأي يوم عادي، قضاه ملايين المصريين في حياتهم العادية. فاذا كانت الحكومة تخشى الا تملأ الفراغات في الاحتفالات او الانتخابات فان المعارضة تموت رعبا ان يكتشف احد انها بلا شعبية. وهذا في نظري الغلطة القاتلة التي ارتكبتها قيادات المعارضة في فضيحة الأحد. فهي اختارت الموضوع الأهم في حياة المواطن، الغلاء الذي مس حياة الانسان المصري من أعالي الطبقة الوسطى وحتى الذين يسكنون في اقبية الطبقات الدنيا المعدمة.

حدث الاحد يجعلنا نسأل لماذا عجزت المعارضة عن جمع ألف شخص في العاصمة؟ فالقاهرة ربما اسهل المدن في المنطقة لتنظيم المظاهرات، او حتى اعلان الثورات، فانت ترى الاف الناس على مد البصر. فيها نحو ثمانية ملايين الذي يجعلها المدينة السادسة عشرة في العالم من حيث الكثافة السكانية. ويضيق محيط القاهرة الكبرى بنحو الـ17 مليون نسمة. قطار المترو وحده يحمل يوميا مليوني انسان فأين هي المعجزة في اجتذاب بضعة الاف من الغاضبين؟

فلماذا عجزت المعارضة؟

هل هي سطوة الأمن؟

ام ضعف حجج التعبئة الشعبية؟

او ان المعارضة فاشلة؟

مهما قيل عن سطوة الامن المصري الا ان احدا لا يستطيع ان يدعي ان القاهرة محكومة بالقوة، ولا يمكن ان تقارن بطهران او دمشق او غيرها من المدن البوليسية التي لا يستطيع ان يجتمع فيها ثلاثة دون ان يحصي الأمن انفاسهم. بل ان المصريين معروفون بأنهم اكثر الشعوب سخرية من نظامهم في الهواء الطلق، رغم ان القاهرة من اكثر العواصم تلوثا في العالم بسبب عوادم السيارات. ايضا لا يستطيع الامن المصري مهما أوتي من قوة، وسلح بالهراوات والبنادق، ان يمنع مليون انسان غاضب لو قرروا التظاهر.

أيضا لا يمكن ان نقلل من مبررات الدعوة للتظاهر، فحجج المعارضة مقنعة ضد سياسات النظام، ونتائجه الكارثية على حياة الناس اليومية.

ويتبقى لنا ان نقول ان المعارضة ظهرت عارية يوم الاحد بأنها بلا مصداقية، وبلا شعبية، فهل ترتكب الحكومة الخطأ اياه فتدفع الناس للتظاهر برفع الأسعار؟

[email protected]