هل رسمت حدود فلسطين؟

TT

بعد ان ذاع نبأ مشروع اتفاق سري غامض بين الوفدين المتفاوضين الفلسطيني والاسرائيلي في عام الفين في كامب ديفيد اختلفت الروايات حول تفاصيله. ولأنني اطلعت على الخطوط العريضة حينها كنت سعيدا بالدفاع عنه، وانه اتفاق تاريخي، وحث الرئيس حينها ياسر عرفات الا يضيع الفرصة النادرة، بل الوحيدة في تاريخ الشعب الفلسطيني.

ولم افاجئ بالتعليقات الساخرة، والمكذبة من قبل المعلقين العرب، لأنها مبررة في غياب حقائق المشروع الذي حرصت حكومة كلينتون في آخر اسبوعين في حكمها حينها على تغليفه بالصمت، لكن الذي صدمني كثيرا ليس تكذيب الجانب الرسمي الفلسطيني فقط بل اكاذيبه حول مضامين الاتفاق. فقد زعم بعض المسؤولين انه يعطي القدس للاسرائيليين، وزعموا بان الارض المعروض ردها من ?? الى ?? في المائة وغيرها من التشويه والتلفيق. ولا اود ان اطيل في رواية ما حدث، رغم اهميته، بل يكفي ان اشير الى عبارات الاسف التي صدرت بعد عام من تلك المرحلة، حتى الشيخ احمد ياسين زعيم حماس الراحل نفسه قال لو أعيد وضع ذلك الاتفاق على الطاولة لوافق عليه. الكل يعرف ما حدث لاحقا، ابشع عمليات التفجير الانتحارية، وفوضى في المعسكر الفلسطيني، وتكسير المؤسسات الفلسطينية، وانتهى بحصار ابوعمار، فوفاته، وخسر الفلسطينيون ما هو اكثر من ذلك، خسروا مشروع الدولة بتفاصيل مهمة جدا.

اليوم تدور مفاوضات مماثلة في واشنطن، مغلقة وتفصيلية، ومن داخلها اشار عريف التفاوض الفلسطيني صائب عريقات الى التوصل الى اتفاق على ترسيم الحدود، وهي أهم مفاصل الخلاف، اي انهم يسيرون ايجابيا في طريق مشروع الدولة الفلسطينية. فان كان المتفاوضون بالفعل قادرين على تصميم دولة فلسطينية، واعلان ملامحها قبل نهاية العام الحالي، فان ذلك سيعني اننا مقبلون على حدث تاريخي هام بما يعنيه من آمال وآلام.

الأمل الأول ان الدولة الفلسطينية باتت حقيقية حتى ان كان اعلانها حبرا على ورق، معنى ذلك انها صارت محددة رغما عن الاسرائيليين، الذين حاربوها بالسيف والكلمة سبعين عاما. واقتربت من اعلانها رغما عن العرب الذين يخافون قيامها. أما آلامها المحتملة فستفتتح بالتخوين وتنتهي بالعمليات التفجيرية. مع هذا تبقى الدولة الموعودة مشروعا يستحق ركوب الطريق الوعر لأنه لا خيار آخر سوى البقاء بين حصار البنادق الاسرائيلية واستغلال العرب للقضية، والاحتفال كل سنة بذكريات الارض والتهجير والسجناء. 

[email protected]