أعطوني الفرصة لكي (أتزّلج)

TT

من المعروف أن دول الخليج واليمن والأردن والأراضي المحتلة وكذلك إسرائيل من أفقر عشر دول في العالم بالمياه العذبة، دول الخليج مازالت تحل أزمتها (المؤقتة) بتحلية المياه إلى درجة أن فيها أكبر محطات التحلية وتنتج ما لا يقل عن 40% من إنتاج العالم، لكن كل هذا لا يكفي نتيجة للتزايد السكاني الهائل وغير المنطقي، وكذلك نتيجة لتواجد ما لا يقل عن 15 مليون عامل أجنبي في الخليج تقريباً، وقد أتوا من بلادهم التي كلها أنهار وفيضانات فأصبح هدر المياه بالنسبة لهم ثقافة وأمرا طبيعيا.

وتحلية المياه مثلما هو معروف عملية مكلفة جداً، ونصف تلك المياه وتكلفتها تذهب هدراً.

أما اليمن والأردن فوضعهما أكثر مأساوية، فإلى جانب التزايد السكاني الرهيب هناك أيضاً نقص في الموارد الطبيعية، فالأردن مثلاً معتمد بالدرجة الأولى على ما يجود به (جزء) من نهر الأردن أو اليرموك، وعلى ما تجود به سوريا من نزر قليل من المياه، أما اليمن فحدّث ولا حرج فنصف مياه الأودية والآبار تقريباً تشربها أشجار (القات) بدلاً من البشر الذين لا يشربون في النهاية غير (عصارة) أوراقها.

والأراضي المحتلة متروكة إلى الآن تحت رحمة ربي، أما إسرائيل فقد حلت أزمتها (جزئياً) مثل دول الخليج بجلب المياه العذبة عبر البحر بحاويات مطاطية كبيرة من تركيا، وهي الآن تريد أن توسع الدائرة وتأتي بها أيضاً من فرنسا.

طبعاً الجميع يعرف أن ما لدى تركيا من مصادر ومخزونات المياه يفوق ما لدى الدول العربية مجتمعة، وقد طرح قبل عقدين من الزمان مشروع مد المياه منها، وعرف (بأنبوب السلام)، ولو نفذ ذلك المشروع لكانت استفادت واكتفت منه جميع الدول التي ذكرتها ومعها كذلك سوريا ـ وهو المشروع الوحيد المنطقي والعملي القابل للتطبيق والاستمرارية ـ هذا إذا استتب السلام وحسنت النوايا، وحيث أن هذين العنصرين ليسا متوفرين حالياً، فقد وضع ذلك المشروع الحضاري على الرف إلى ما شاء الله .

وأذكر قبل عشر سنوات أن عقد مؤتمر في القاهرة بالتعاون مع (هيئة اليونسكو) وظهر ببشرى مؤكدة تقول إن صحراء الربع الخالي في السعودية تحتضن في باطنها أكبر خزان للمياه الجوفية النقية في العالم.. ومن ذلك الوقت والصمت الرهيب يخيّم على ذلك الاكتشاف، وهو في اعتقادي لا يقل (خيالاً وأحلاماً) عن ذلك التصريح الشهير لمسؤول سعودي كبير عن المياه عندما أعلن في مناسبة جماهيرية حاشدة أن مخزون المياه في منطقة القصيم يعادل من يصبه نهر النيل لمدّة خمسمائة عام (!!).

واليوم خرج علينا بعض الخبراء باقتراح سحب كتل جليدية من المناطق القطبية الجنوبية، ويقدر العلماء أن كمية المياه العذبة المتجمدة في تلك المنطقة وحدها تعادل (85%) من المياه العذبة على سطح وباطن الأرض، ويقال: إن سحب كتلة جليدية واحدة بطول 74 كم، وعرض 40 كم، بارتفاع 230 متراً يكفي لتغذية دول الخليج واليمن لمدة قرن كامل.

ليس هذا الكلام تخريفاً، خصوصاً في هذا المجال، لأنه سبق أن سحبت من القطب منذ عام 1853 كتل جليدية ووصلت واستفادت منها مدن سواء في أمريكا الجنوبية أو الشمالية، ووصلت إلى (سان فرانسسكو).

ونحن نقول: لماذا لا تشمر دول الخليج عن سواعدها قليلاً، وتجلب على سبيل التجربة بعض الكتل الجليدية الملائمة؟!، وحيث يتعذر عليها المرور من خلال باب المندب ومضيق هرمز لانخفاض مستوى المياه، فإن المكان المناسب لها هو أي منطقة عميقة المياه على شواطئ عمان أو اليمن، وإذا نجحت التجربة، عندها ممكن التفكير بعمل مشروع عملاق ومتكامل ومد خطوط أنابيب لتصل إلى كل المناطق.

وعلى فكرة تلك الكتل الجليدية إذا رصت بجانب بعضها البعض سوف تحسن الجو إذا هبت عليها الرياح.. كما أنها سوف تكون مناسبة جداً لكي أمارس عليها أنا شخصياً التزلجّ، وهي رياضتي المفضلة.

[email protected]