النو غيث

TT

تقول العامة «النو» أو«النوء» بمعنى الموج الشديد أو المرتفع. وقد استخدمنا في اللغة الصحافية «الانواء» وقلنا انها «تتلاطم بشدة» نقصد بها الموج. وغالباً ما ينقل الصحافيون عن بعضهم البعض، بحيث تتكدس الأخطاء ثم تتكرس في ما يبرر انه الخطأ «الشائع». وقد تمتعت بقراءة بحث بارع عن «العادات والتقاليد والقيم الجاهلية في كتب الأمثال العربية» للدكتور محمد توفيق أبو علي. ومنه عرفت أن العرب رصدوا مواقع النجوم فسموا الثابت منها «المنازل»، أما المواقع التي خيّل اليهم انها تتغير فسموها «الأنواء» مفردها النوء، وهو طلوع نجم في المشرق بعد سقوط نجم ينزل من المنازل في المغرب. وكان الجاهليون يعتقدون أن الأنواء مصدر الغيث فيقولون «قد سقينا بالنجم» أو «قطرنا بنوء كذا».

وكان الجاهليون يؤلفون أساطيرهم الشعبية حول الكواكب والنجوم. وقالت العرب «إن الدبران خطب الثريا واراد القمر أن يزوجه فأبت عليه، وولَّت عنه، وقالت للقمر ما اصنع بهذا السبروت، الذي لا مال له، فجمع الدبران قلاصه يتمول بها، فهو يتبعها حيث توجهت، يسوق صداقها قدامه. وان الجدي قتل نعشاً فبناته تدور به، تريده. وان سهيلاً ركض الجوزاء، فركضته برجلها فطرحته حيث هو، وضربها هو بالسيف فقطع وسطها، وان الشعرى اليمانية كانت مع الشعرى الشامية ففارقتها، وعبرت المجرة، فسميت الشعرى القبور، فلما رأت الشعرى الشامية فراقها اياها، بكت عليها حتى غمصت عينها فسميت الشعرى الغميصاء».

واليكم الشرح: الدبران نجم. والثريا نجم. والسبروت الفقير. والقلاص مفردها قلوص، وهي اول ما يركب من اناث الإبل. والصداق مهر المرأة. والجدي نجم في السماء. وبنات نعش سبعة كواكب مفردها نعش، وهو مذكّر لأنه كوكب. وسهيل كوكب. والجوزاء نجم. والشعرى كوكب نيّر يطلع بعد الجوزاء. والمجرة باب السماء. وغمصت العين سال دمعها.

ومثل الاغريق القدماء عبد الجاهليون الشمس والقمر والزهراء. ويقول لويس شيخو ان اليونانيين استعاروا الزهرة (اللاث) من العرب وجعلوها الهة الحكمة.