شرور الرجال

TT

بعد هذه التقارير التي أمطرتنا بها النمسا عما قام به هذا الرجل المهندس الكهربائي من فظائع في بنات ونساء بيته، لم يسعني غير أن أتذكر فظيعة أخرى وردتنا قبل أشهر عن نمساوي آخر قام بمثل ذلك. وقبل سنوات قليلة اهتزت بريطانيا بالفظائع الجنسية الدموية التي اقترفها المستر وست في سلسلة متواصلة من الجرائم ضد نساء صبيات. كثيرا ما جعلتني هذه الأفعال أسائل نفسي. هذا ما اكتشفته الشرطة، ماذا عما لم تكتشفه وما ظل مخفيا عن الانظار؟

ما يلفت النظر في كل هذه الفظائع المأساوية انها جميعا تعود لفعل الرجال. لم اسمع عن امرأة تقوم بمثلها ولا حتى بما يقترب منها. الواقع ان النساء هن عادة الضحايا لهذه الجرائم. وفي غير ذلك تجدهن بصورة عامة منشغلات في تربية أولادهن وادارة بيوتهن وخدمة المجتمع حيثما تيسرت لهن فرصة الخدمة وسمح لهن رجالهن بها. معظم الأفعال الجنسية الشاذة التي تحير العاقل والمجنون هي من اختراع الرجال وتصميمهم وخيالهم الخصب. وكذا الحال بالنسبة لمعظم الجرائم من سرقات وقتولات وخطف وسلب. من الذي ينتج ويخرج كل هذه الأفلام والمجلات الإباحية ويروج لها، بل يفرض حتى على المرأة ان تتفرج عليها وتتعلم منها؟ انا لم اعرف ولم اسمع عن امرأة واحدة تستمتع بمشاهدة ذلك. وكل من يحاول إثارة امرأة بهذه المواد لا يجني من ورائها غير الخيبة والفشل.

وأكثر من ذلك، من تسبب بكل تلك الحروب والمجازر التي لطخت تاريخ البشرية بدمائها ودمارها وفظائعها؟ هل كان هولاكو أو جنكيزخان أو هتلر أو ستالين أو صدام حسين امرأة؟ من الذي يقوم بهذه الأفعال الإرهابية الجارية الآن في العراق؟ من الذي يجر الفتاة البريئة للزنى والدعارة ويستغلها حتى في ما تكسبه منها؟ من الذي يزين لها الفسق ويلقي بها في مهالك العار ثم يقتلها غسلا للعار؟

هذه نتفة من جرائم الرجال ضد المرأة، ولكن جريمتهم الأولى كانت وظلت نجاحهم في صياغة التاريخ والمآسي الاجتماعية بأنها من شرور المرأة. يقولون «فتش عن المرأة». لحسن الحظ، ان الشرطة لا تلتفت لهذا الشعار. وعلينا ان نتعلم منهم. فكلما وقعت جريمة فظيعة ترى ضابط الشرطة يفتش عن الرجل، الرجل المسؤول عنها. قلما تراه يفتش عن امرأة. اللهم الا حيث تكون شريكة للرجل فيها استدرجها اليها. الشرطة أعرف بذلك من كل هؤلاء الحكماء الذين يحذروننا من شرور النساء. وهم أعرف بذلك لأنهم يرون دائما زنازين الاعتقال والتوقيف عندهم مزدحمة بالذكور لا بالأناث.

الحفاظ على الحياة هي الغريزة التي تولد بها الأنثى وهي تواجه مسؤولية رعاية وليدها وتنشئته. وبها أصبح حب الإنسان عاطفتها الأولى.

لو كانت هناك محكمة عادلة لحقوق الإنسان لكان عليها أن تضع الرجل أول من يوضع في قفص الاتهام عن كل ما جنته يداه.