رد لا يشبه إلا لغة نجاد

TT

تطوعت السفارة الإيرانية في لندن للرد على مقالي المعنون «إيران.. والعرب الخائفون» برسالة من السكرتير الأول في سفارتها بلغة لا تشبه إلا لغة أحمدي نجاد، حيث الاستخفاف، وكيل التهم. اتهمني السكرتير الأول بالعمالة، ودعاني لدراسة التاريخ، على اعتبار أنني صغير السن، وحديث التعيين، بحسب تعبيره في رسالته التي نشرناها أمس.

خطاب السفارة الإيرانية يفتقر للغة الدبلوماسية، ولا يختلف عن لغة نظام نجاد، وأتباعه بالمنطقة، الذين يرمون كل من يخالفهم بالعمالة، ولا يتوانون عن تكميم الأفواه، ولذا كان من أول ما قام به حزب الله الإيراني بعيد انقلابه في بيروت هو تكميم وسائل الإعلام.

السكرتير يطالبني بقراءة التاريخ، وبدوري أطالبه باستيعابه. هناك فرق بين من يقرأ التاريخ، ومن يستوعبه. فلو استوعب نظام نجاد التاريخ لعرف أن صدام حسين كان لاعبا أساسيا في المنطقة، وكذلك غيره من الأنظمة، بل وحتى «القاعدة» في لحظة من اللحظات تحولت إلى لاعب أساسي بالعالم. المهم ليس في أن تكون لاعبا، بل ما الدور الذي تلعبه!

كما أن استيعاب التاريخ يقول إن من يكون بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، ففي إيران ديانات وطوائف وأعراق، ولو أن نظام نجاد يستوعب التاريخ جيدا لعرف بأن اللعب على النعرات، واستغلال الطوائف والأديان، سيحرق صاحبه في النهاية.

السفارة الإيرانية تذكرني بدور الحضارة الإيرانية، لا الحضارة الإيرانية الإسلامية، وهنا أقول أن لا خلاف مع الحضارة الإيرانية، والشعب الإيراني، وبالذات التيار الإصلاحي، والرموز الثقافية النزيهة، فالخلاف، والخطورة التي أحذر العرب منها هما فيما يقوم به النظام الحالي.

الحضارة الإيرانية لم تفرز لنا عماد مغنية، وحسن نصر الله، بل إن النظام الذي أفرز نجاد هو الذي قدمهما لنا. الحضارة الإيرانية قدمت لنا نماذج مشرقة من المفكرين والعلماء والشعراء الفارسيين الذين شكلوا رافدا من روافدنا الثقافية، والإسلامية!

كما ليس لدينا فوبيا من إيران، ولكن لدينا حرصاً على الاستقرار، وتجنب الانزلاق للحروب الطائفية. والعراق ولبنان خير مثال، فهذان بلدان متعددا الأعراق، لكنهما ضحية لإيران اليوم، وانقلاب بيروت قاده حزب الله الإيراني.

أما حديث السكرتير عن إسرائيل وأميركا، فهو ذر للرماد في العيون، فهل قامت إيران بحرب واحدة من أجل فلسطين ؟ طهران تستخدم القضية، وغيرها من الملفات، لتحقيق أهدافها التوسعية، لا أكثر. حتى حليف إيران السوري عندما قصف من إسرائيل جاء رد نجاد بأن ليس لبلاده علاقة بذلك.

إذا كان نظام نجاد قد باع البعض الوهم، واشترى آخرين بالوعود والأموال، فإن من يستوعب التاريخ جيدا لا بد أن يحث الدول العربية على أن تفطن لخطر الفتنة التي يدفع نظام نجاد المنطقة إليها.

ومثلما حذرنا من نزق وغرور صدام، وحذرنا من التطرف السني، فلا بد من تفنيد وكشف ما يفعله نظام نجاد في أوطاننا. نحن أدرى بعالمنا العربي، وأكثر غيرة عليه من نصر الله، ونجاد.

وأقول للسفارة الإيرانية، أهلا بإيران الحضارة التي تستوعب التاريخ، وتحترم الجغرافيا، ولكن على العرب الحذر كل الحذر من إيران نجاد.

[email protected]