نصر الله والعدو السني (1 ـ 2)

TT

ربما لا يدري الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ما يجري خارج القبو الذي يدير منه عملياته السياسية والعسكرية، وأيا كان ما سمعه عن تبعات الانقلاب الذي قاده صبيحة الجمعة الماضية، أجزم انه لا يدري ما يحدث في كل العالم العربي. أشك انه يدرك حجم الغضب المتنامي في الشارع العربي والسني تحديدا، مع انه ليس هناك ما يدعو الى تحديد الهوية لأن السنة اكثر من ثمانين في المائة من العرب.

اليوم مائتا مليون عربي يرونه يقارع العدو السني. أكررها العدو السني.. العدو السني.. العدو السني، عله يرى الصورة، وأبعاد الأزمة التي ارتكبها حزب الله وحلفاؤه. فان السيد نصر الله قد لا يصله نور الشمس من وراء السواتر العسكرية التي يسكنها، فهو لا يدرك هول الكارثة التي ارتكبها، وأدخل المنطقة في صراع شيعي ـ سني عشر سنين مقبلة على الأقل، ليس في لبنان وحسب بل في كل العالم العربي، وربما الإسلامي. أعرف انه لا يتجول بعيدا عن الضاحية لاسباب امنية لكن عليه ان يسأل ثقاته ممن يطوفون المنطقة عن حجم الغضب من حزب الله. ملايين السنة يرونه قد أمعن في إذلال السنة.

أعرف أن من حوله سيتهمونني بالطائفية. هذه تهمة سخيفة لأنني كشخص سني المذهب وقفت لعشرين عاما ضد كل متطرفي السنة. وقفت ضد صدام وأزلامه. وكتبت طويلا ضد بن لادن وعصابته. وعانيت الكثير بسبب كتاباتي لاربع سنوات ضد المقاومة السنية في العراق. كل هؤلاء استحقوا أن أكون ضدهم ليس بسبب موقف سياسي، بل لأفعالهم الإجرامية ضد المدنيين. وبالتالي لا يستطيع احد ان يعتبر الوقوف ضد أفعال حزب الله رأيا طائفيا لأنه ليس كذلك، بل موقف مبدئي يجب ان نقفه جميعا ضد كل من يحمل السلاح، سنة كانوا او شيعة او غيرهم.

حزب الله سارت أحذية ميلشياته الى مرابع السنة في بيروت الغربية صباح الجمعة، السنة فيها أهينوا وقتلوا ودمرت ممتلكاتهم. همجيتهم بلغت ان هجموا على مؤسسات خيرية وانسانية، بما فيها تلك التي تقدم الملجأ والعلاج للمعاقين. قد لا تبدو الصورة هكذا من وجهة نظر القائد في الضاحية لكن آثارها تبقى في النفوس. ملايين العرب شاهدوا وسمعوا عن الفظائع التي ارتكبت، شاهدوا اعضاء المجلس الشيعي الاعلى يهاجمون مفتي السنة لانه انتقد ايران، شاهدوا محاصرة زعيم الاكثرية السني سعد الحريري ورئيس الحكومة السني فؤاد السنيورة، والاخير، شاهدوا كيف قتل مشيعو جنازة سنية في عملية بشعة.

احتفل مسلحو حزب الله باحتلال بيروت الغربية بالصراخ وإطلاق النار يجوبون، وحلفاؤهم، الاحياء السنية، وكانت نظرة غالبية العرب السنة المصعوقين انها ليست بطولة بل عمل جبان، مسلحون هجموا على مسالمين بلا سلاح او ميلشيات، فأين هي الشجاعة؟

الانقلاب وسّع الشق على الراقع ليس في بيروت الغربية بل في كل مربع يسكن فيه شيعة وسنة في العالم، وصب الزيت على نار الطائفية. صار السيد وحش الشاشة في نظر كثيرين من السنة بعد ان كان بطلهم، وكانت صوره ترفع في المقاهي وسيارات الأجرة وبيوت الناس البسطاء. لقد حول انتصاراته الطويلة الى هزيمة لا يمكن ترقيعها بأعذار باتت واهية مثل سلاح المقاومة، الذي قتل من المواطنين اللبنانيين في الأيام الخمسة اكثر مما قتل من الاسرائيليين في حرب الصيف.

[email protected]