يوم واحد في عهدة حزب الله

TT

إحراق مقر صحيفة «المستقبل» في بيروت ووقفها من الصدور

إحراق مقر تلفزيون «المستقبل» القديم ومنعه من البث بالقوة

إقفال تلفزيون «الاخبارية» وإجباره بالقوة على وقف البث

إحراق مقر إذاعة «الشرق» ووقفها عن البث

احراق مكاتب إذاعة «سينفال» الارمنية في بيروت وتعطيلها عن البث

تعطيل مجلة «الشراع» عن الصدور ومحاولة إحراق مكاتبها

تعطيل صحيفة «اللواء» ومنعها من الصدور

.. حصيلة يوم واحد في «ظل» سيادة دويلة حزب الله على بيروت الغربية. وهي حصيلة يبدو انها مرشحة «للإثراء» بعد تعرض موقع «القوات اللبنانية» على الانترنت للقرصنة واطلاق الرصاص على المصورين الصحافيين في بيروت.. فهل «الآتي أعظم»؟

لافتة، في هذا السياق، ملاحظة النائب فؤاد السعد، قبل «العصيان المدني» القسري في بيروت، أن «سقوط النظام اللبناني وارد يوما وغير مستغرب».

أحداث الاسبوع الماضي في بيروت والشمال والجبل أضفت على هذه الملاحظة مصداقية متزايدة. والمؤسف لكل من آمن يوما برسالة المقاومة التي جسدها حزب الله في لبنان أن تكون تجارب الساعات الاولى «لدويلته» في بيروت الغربية فرصة سياسية أهدرها الحزب بالسرعة التي اهدر فيها قدسية سلاح المقاومة. لأن الطبع يغلب التطبع لم يختلف تصرف مسلحي حزب الله حيال وسائل الاعلام عن تصرف الاحزاب الآيديولوجية ـ الشمولية ـ المركزية.. الامر الذي يبرر التساؤل عما إذا كان خروج ـ ولا نقول استقالة ـ وزراء الحزب وحلفائه من حكومة فؤاد السنيورة كان مجرد خروج «من» الدولة أم خروج «على» الدولة؟ يقول مثل لبناني عامي: «المكتوب يقرأ من عنوانه». أولا يكفي عنوان اليوم الاول من «دويلة» حزب الله في بيروت الغربية ليقرأ فيه اللبنانيون ما ينتظر حرياتهم من مصير حالك في حال تحكم الحزب في كل بيروت لا في نصفها فقط؟

لو أثبت حزب الله التزامه باللعبة الديمقراطية اللبنانية ـ على هشاشتها ـ لجاز التغاضي عن تجاوزات اليوم الاول من عهد «دويلته» في بيروت. ولكن ما نفذه الحزب «على الارض»، و«بسلاح المقاومة» الذي تعهد مرارا وتكرارا ألا يوجهه ابدا الى صدور اللبنانيين، وما مارسه من سياسة شل السلطات الدستورية الشرعية، يدعوان الى التساؤل عما إذا كان الاستئثار المطلق بالسلطة في لبنان هو الهدف الحقيقي لانقضاضه العسكري على بيروت والجبل، واستطرادا عما إذا كانت وظيفة سلاح المقاومة التصدي لاسرائيل أم قمع الحريات الاعلامية وتكميم افواه الليبراليين في لبنان؟

لو كان حزب الله ملتزما التزاما صريحا ببنود اتفاق الطائف ـ أو المبادرة العربية للتسوية في لبنان على الاقل ـ لجاز إدراج مخططه للسيطرة بالقوة على القرار السياسي في بيروت في خانة الصراعات الحزبية المحلية ولصح اعتبار سقفه تعزيز الوجود الشيعي في السلطة.. وإن بوسائل غير ديمقراطية. ولكن حزب الله حزب أصولي عقيدي «مؤدلج»، مثله للدولة العصرية في القرن الواحد والعشرين مستوحى من دولة محمود أحمدي نجاد في إيران.. وغير خافٍ أنه يستعين بـ«المال الشريف» لتحقيقها.

وإذا كان أحمدي نجاد يعتبر أن «يد الامام المهدي المنتظر ُترى بوضوح في إدارة شؤون البلاد كافة»، فإن يد إيران لم تعد خافية في مشروع حزب الله في لبنان.

وفي هذا السياق، ورغم الاختلاف الجذري سواء في المنطلق أو التوجه الآيديولوجي بينه وبين الاحزاب الماركسية، يتصرف حزب الله، في عهد الطموح النووي الايراني، كما كانت تتصرف الاحزاب الشيوعية إبان عز الاتحاد السوفياتي: كلاهما يحتكر «الحق»، وكلاهما يتوسل آيديولوجيته ذريعة «ثورية» لتغيير التركيبة السياسية في بلاده، وكلاهما يعتبر هذه الآيديولوجية مبررا لتبعيته المطلقة «للدولة المثال» في الخارج.

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد أحداث الاسبوع المنصرم في لبنان: هل يرضى اللبنانيون ان يكون سقوط النظام الديمقراطي في لبنان الحصيلة المأساوية لفسحة الحرية التي يوفرها هذا النظام لحزب يرفض أصلا الديمقراطية في سعيه لإقامة دولة ولاية الفقيه؟