حان الوقت لوداع «هيلاري»

TT

بعد الانتخابات الأولية التي أجريت الثلاثاء الماضي، ربما أصبحت فرصة فوز هيلاري رودهام كلينتون الآن للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة لا تتجاوز 2 في المائة. لكن إذا مضت هيلاري في معركتها الخاسرة، فقد تصل احتمالات أن تتسبب في فقدان الحزب بأكمله معركة الرئاسة في الخريف القادم إلى 20 في المائة. لذا أصبح التساؤل المطروح الآن ما إذا كان ينبغي عليها الاستمرار في حملتها الانتخابية رغم أن الاحتمال الأكبر أن يعود ذلك بالنفع على ماكين، بدلاً منها؟

ورغم أن الاحتمالات التي ذكرتها ربما يكون مبالغا فيها، فإنها تشير إلى ضخامة الموقف، بالنظر إلى أن كلينتون تأتي في النهاية بفارق يبلغ 700 ألف صوت في إطار الأصوات الشعبية التراكمية، الأمر الذي يؤكد عدم توافر وسيلة منطقية أمامها لنيل ترشيح الحزب لها. وحتى مع حساب أصوات ولاية فلوريدا، نجد أنها متقهقرة بفارق يتجاوز 400 ألف صوت. في المقابل، نجد أن كلينتون أمامها فرصة حقيقية لمساعدة ماكين على الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي الواقع، تثير تقديرات أعداد أنصار الحزب الديمقراطي من مؤيدي كلينتون، الذين سيصوتون لصالح ماكين في نوفمبر، الرعب في نفوسنا. على سبيل المثال، في ولاية إنديانا، قال 49 في المائة فقط من أنصار كلينتون إنهم سيدلون بأصواتهم لصالح أوباما في نوفمبر حال فوزه بترشيح الحزب له في الانتخابات. أما في نورث كارولاينا، فقد انخفضت النسبة إلى 47 في المائة. وفي الولايتين، أعلن مؤيدو كلينتون أنهم إما سيصوتون لصالح ماكين أو سيبقون في منازلهم.

إلا أن السيناتور رون وايدين، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوريغون، كان من بين الأصوات الأكثر تفاؤلاً، حيث أعرب عن اعتقاده بأن التنافس بين المرشحين الديمقراطيين سينتهي في يونيو، وحينئذ ستهدأ الأعصاب وستتحد صفوف الناخبين مرة أخرى قبل موعد إجراء الانتخابات العامة. وأكد قائلاً: «لست مقتنعاً بالنظرية القائلة بأن أنصار الطرف الآخر سينسحبون في الخريف، ليس عندما تكون الخيارات المطروحة بهذه القوة». ومع أن غالبية أنصار كلينتون سيشعرون بالخوف والتراجع بالفعل حال تفكيرهم في إمكانية تولي ماكين الرئاسة، تبقى الحقيقة أنه كلما طال أمد التنافس بين كلينتون وأوباما في الانتخابات التمهيدية، تضاءلت الفترة الزمنية المتاحة للتغلب على العداءات داخل الحزب. يذكر أن الإحصاءات تشير إلى أنه في 9 من بين إجمالي 10 انتخابات، فاز المرشح الذي وقع الاختيار عليه أولاً في الانتخابات العامة. وإذا افترضنا أن 80 في المائة من الأفراد الذين صوتوا لصالح كلينتون في الانتخابات التمهيدية انتهى بهم الحال بمناصرة أوباما في نوفمبر، بينما بقي الـ20 في المائة الآخرون في منازلهم أو صوتوا لصالح ماكين، فإن هذه النسبة الأخيرة ستتجاوز بكثير في إطار الأصوات الشعبية عدد الأصوات التي فاز بها رالف نادر عام 2000. ومن بين المواقف المشابهة الماضية التي تثير قلق الديمقراطيين انتخابات عام 1980، عندما تحدى تيد كنيدي إعادة انتخاب جيمي كارتر واستمر في ذلك حتى أغسطس من ذلك العام. وفي 9 أغسطس، أعلن كنيدي أن «لدي فرصة حقيقية للفوز». وذلك بعد فترة طويلة من اختفاء فرص نجاحه، وأضاف أن الصدام سيفيد المرشح الذي سيقع عليه الاختيار في نهاية الأمر. ومع أن كارتر ربما كان سيخسر في كل الأحوال أمام رونالد ريغان، إلا أن ذلك لم يمنع أن التنافس بينه وبين كنيدي أثار الفرقة في صفوف حزبه وأسفر عن تدني مستوى الروح المعنوية.

ومجمل القول إن إمكانات فوز أوباما في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر ربما تعتمد على كلينتون. وإذا ما أوقفت هجماتها ضده وانسحبت بشكل لبق ـ ربما بعد فوزها في ويست فيرجينيا الأسبوع القادم ـ ثم انضمت وزوجها للحملة المؤيدة لأوباما، فإن ذلك سيكون من شأنه تعزيز فرص فوز الأخير.

بيد أن ذلك ليس السيناريو الذي تلمح إليه كلينتون، حيث أعلنت يوم الأربعاء «إنني باقية في هذا السباق حتى يتم اختيار مرشح». وحال استمرار التنافس بينها وبين أوباما حتى أغسطس، فسيعّقد ذلك فرص فوز الديمقراطيين في ولايتي فلوريدا وميتشغان. وفي تلك الحالة، ربما سيذكر التاريخ كلينتون باعتبارها السبب في إفساد انتخابات 2008. ومن المثير أن نجد أن امرأتين قويتين، هما كاتي كوريك وهيلاري كلينتون، قد أخفقتا خلال العام الحالي في الوصول إلى مناصب يتقلدها دائما الذكور. وتوحي بعض التجارب النفسية التي أجريت حول هاتين الحالتين بأن أحد العوامل وراء الإخفاق ربما يكون الرفض العام لرؤية امرأة في منصب اعتاد الناس على رؤية رجل فيه. إلا أن أحد الموروثات التي سترتبط بهيلاري كلينتون أنها يسرت الطريق أمام المرشحة القادمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»