نصر الله والعدو السني (2 ـ 2)

TT

ربما يهوّن مخططو استراتيجيات حزب الله من غضب السنة العارم بأنه مؤقت، لكن الواضح أن أفعال الجمعة أطلقت شر الفتنة، وشرارة التطرف السني في لبنان نفسه. تذكرون كيف استخف الجيش الاميركي بمتطرفي السنة ثم أنظروا كيف سعى الاميركيون ثلاث سنين يحاولون إصلاح ما افسدوه، عندما أهانوا السنة بطردهم وملاحقتهم.

حزب الله تحديدا، لأن بقية الحلفاء لا يستحقون الذكر، يلام على إذلال السنة الذين لم يفعلوا ما يستحق الإساءة وهم الذين ساندوه دائما.

ربما ينصح مستشارو السيد بألا يبالي فهو انتصار دائم. فللحزب اليد العليا، بجيش من اربعين الف متمرس ومسلح مقابل ثلائمائة حارس عند سعد الحريري، وان حزب الله مدعوم بأسود المنطقة في ايران المتوثبة وسورية المدبرة، أما داعمو الحريري فهم مجرد كتبة بيانات شجب وإدانة. هذا صحيح مبدئيا انما الخريطة اوسع، واكثر تعقيدا وخطورة مما تبدو عليه في هذه الساعة المشوشة. فالمتطرفون السنة في لبنان لا يقلون شرا، وربما عددا، عن متطرفي الشيعة، إلا أن أشرار السنة قبل يوم انقلاب الجمعة كانوا بلا قضية وتأييد شعبي. كل المؤشرات اليوم تؤكد أن إذلال حزب الله لقادة السنة ومؤسساتهم أخرج العقارب من جحورها في لبنان، الذي عرف فيه السنة مائة عام بأنهم الفريق المسالم دائما.

أنتم شاهدتم كيف نجح متطرفو السنة في العراق وخارجه في جذب كل كارهي الاميركيين ليمدوهم بالمال والسلاح والرجال، ونحن نخشى ان حزب الله يأخذ نفس الدور الاميركي المحتل القبيح في العراق. لقد رأينا كيف كانت ردة الفعل الاولية الغاضبة والمتوحشة من السنة في شمال لبنان، حيث هاجم المتطرفون علويين وشيعة وقوميين وكل من ظنوا ان له علاقة بانقلاب الجمعة انتقاما.

هذه الكراهية الجديدة يلام عليها حزب الله، الذي أمعن عامين متتالين في التحدي والحصار والسخرية واحتقار الحريري والسنيورة والمفتي وغيرهم. يضاف اليها تراكمات وشكوك حول عمليات الاغتيال التي بدأت برفيق الحريري، الرجل المسالم الذي رعى حاجات الطائفة الشيعية وابتعث آلافا من ابنائهم في الجامعات العالمية.

صحيح ان السعودية ليست ايران، ومصر ليست سورية، والأردن وبقية الدول، المحسوبة كأنظمة سنية، تفضل الصبر وتقدم المصالحة وتحاول دائما إصلاح ذات البين لكن الكراهية الشعبية مرض لا يمكن للحكومات علاجه بجلسات رسمية. بقي ان ننصح السيد نصر الله ألا يتكل على بلاغته لأن هذه لن تنفع كثيرا، فاذا كان يملك قرارا عليه ان يفكر جيدا في كيف يجبر ما كسره.

[email protected]