العظماء ليسوا كذلك دائما !

TT

هناك في التاريخ معارك أدبية أو فنية ـ بين الأدباء والفنانين ـ معلنة أو خفية، مثلا : بين العقاد وشوقي بين العقاد وطه حسين وبين العقاد وتوفيق الحكيم وبين العقاد ومصطفى صادق الرافعي، وكنا نتابعها ولا نخفي دهشتنا واستنكارنا أيضا.

مثلا: هاجم الأستاذ العقاد أمير الشعراء شوقي في محاضرة له في الجامعة الأمريكية بعد وفاة شوقي بعشرين عاما، ولما سئل العقاد قال: إنني أحسن حالا من الذين يدافعون عن شوقي، هم يرونه قد مات، وأنا أراه حيا !

وهناك معارك بين الموسيقيين الكبار محمد عبد الوهاب وكمال الطويل وبليغ حمدي، وكان عبد الوهاب متحفظا دبلوماسيا لا يجاهر بالعداوة، وكانوا جميعا يتنافسون على عبد الحليم حافظ، محمد الموجي يرى أنه هو الذي اكتشف عبد الحليم وأول من لحن له.. وكمال الطويل يرى أن أغنية «على قد الشوق» هي التي رفعت عبد الحليم حافظ إلى السماء وجاء توقيتها في أعياد ثورة يوليو، وبعدها بسرعة ظهرت أغنية عبد الوهاب (أنا والعذاب وهواك)، وقال لي يومها كمال الطويل إن عبد الوهاب أراد إن يقضى عليه ـ وهذا غير صحيح.

ولكن أسوأ هذه الخناقات هي التي كانت بين محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي وكان يهاجم عبد الوهاب بخشونة، فقد اعتقد أن عبد الوهاب يريد ان يقضي عليه، وبليغ ضعيف في الحب، عنيف في الخصومة !

وفي التاريخ الأوروبي أن الموسيقار العظيم بيتهوفن وهو شاب ذهب إلى موتسارت عبقري زمانه يعرض عليه بعض أعماله الفنية، ثم طلب إلى موتسارت أن يعطيه جملة موسيقية ليبني عليها عملا فنيا، وأعطاه، وبعد ساعة عاد إليه بيتهوفن فوقف موتسارت يقول: ضعوا عيونكم على هذا الشاب سوف يكون حديث الدنيا !

والغريب أن بيتهوفن لم يذكر موتسارت طوال حياته إلا وشتمه ولعنه وهاجمه، مع أن كلا منهما عظيم جدا. ولم يسأل أحد بيتهوفن لماذا الهجوم على من شجعه وهو صغير، ولكنه لم يقل، ودخل بيتهوفن العظيم من أوسع أبواب الصغائر والحقد، فليس العظيم عظيما في كل شيء بل هو أحيانا ليس كذلك!