عروض خاصة

TT

اكتشف المراسلون «الحربيون» منذ نزول التلفزيون إلى ساحات القتال، أن المحاربين يزدادون شراسة كلما شاهدوا آلة تصوير تلاحق تحركاتهم الإنسانية. ومع الوقت أخذ المقاتلون يقيمون «عروضا» خاصة للمصورين، فأصبح هؤلاء يلتقطون المشاهد في أمان في أكثر الأوقات. ومما قرأته من ذكريات المراسلين الحربيين يبدو أن الجندي الأفريقي هو الأكثر تأثرا وتجاوبا مع أضواء الكاميرا. وإذا كان في حالة هدنة أو استراحة ورأى المصورين قادمين قام فورا إلى واجبه الوطني يطلق النار في كل اتجاه، ثم يستدير نحو الكاميرا ويبتسم لها ابتسامة الشجعان. وخلال الحرب الأهلية في نيجيريا كان فريق من شبكة آي. تي. إن البريطانية يصور عندما بلغ الحماس بضابط نيجيري شاب أن سحب مسدسه وأطلق النار بكل دم بارد على رأس أحد الأسرى. وحاول المصورون المرعوبون إيقاف العملية لكن الضابط البطل أصر أمام إغراء الصورة. وبعد أيام اعتقلت قيادة الجيش الضابط وأحالته إلى محكمة عسكرية وحكمت عليه بالإعدام.

كان في الجيش النيجيري يومها عقيد شديد الفظاظة يتولى العلاقة مع المراسلين ويلقب «العقرب الأسود». اتصل «العقرب الأسود» بجميع المراسلين ودعاهم إلى حفل تنفيذ الإعدام رميا بالرصاص بالضابط قاتل الأسير. واختص بالدعوة فريق البي. بي. سي الذي كان قد وصل للتو إلى المنطقة. أوثق الضابط المحكوم إلى شجرة واستعدت الفرقة لإطلاق النار، وصرخ قائدها: «استعدوا، صوبوا...» غير أن ميكانيكياً مع المصورين قاطعه قائلا: «تبا. البطاريات لا تعمل». أوقف «العقرب الأسود» تنفيذ الإعدام ريثما يغير مهندس الصوت البطاريات... وبعد ذلك استكمل المشهد بسعادة فائقة، وتولى «العقرب الأسود» إطلاق ما يسمى برصاصة الرحمة.

في فيلم قديم من بطولة وليم هولدن تسأله صديقته الكورية عن الفرق بين المحرر والمراسل فيقول «مائة دولار». لكن هذه الأرقام قد تغيرت كثيراً فيما بعد. وقبل سنوات كان يقال إن راتب مراسلة السي. إن. إن كريستيان امانبور يتعدى ستة ملايين دولار في العام.

كان «المراسل الحربي» ذا مرتبة خاصة في الصحافة. وقد بدأ ونستون تشرشل حياته العملية مراسلا في السودان وجنوب أفريقيا. ووضع افلين وو روايته الشهيرة «السبق» استنادا إلى مشاهدات مراسل في الثانية والعشرين يدعى بيل ديديز عاش أهوال الغزو الإيطالي لإثيوبيا.