لا مكان للمرأة

TT

إحدى مفارقات التركيبة المجتمعية والسياسية في المنطقة العربية هي ان الحكومات والسلطات الرسمية اكثر تقدما في موضوع مشاركة المرأة السياسية من حركة المجتمع نفسه وقواه الفاعلة، والكويت وهي دولة صحابة تجربة طويلة صحية من العمل البرلماني الحيوي خير نموذج على ذلك. فقد كانت الحكومة هي المبادرة هناك قبل سنوات من اجل حصول المرأة على حقوقها السياسية واخفقت مرة في تمرير القانون ثم نجحت بعد دلك.|

وفي الانتخابات الحالية كانت حصة المرأة تقريبا اكثر من نصف اصوات الناخبين حسب الارقام التي اعلنت. لكن نسبة النصف هذه في الاصوات لم تنجح في ادخال سيدة واحدة الى البرلمان الجديد الذي غلب عليه التوجه المحافظ كما اظهرت النتائج التي اعلنت بعد فرز الاصوات.

والعزاء للمرأة في هذه الانتخابات ان مرشحات حصلن على نسب تصويت عالية لو كانت اكثر بنسبة قليلة لكانت سيدة واحدة على الاقل قد دخلت البرلمان في انتخابات حرة، كما انها المرة الثانية فقط التي تمارس فيها المرأة حقها السياسي في التصويت بما يعني ان التجربة مازالت في بداياتها، وان هناك مرات مقبلة قد تكون الصورة فيها مختلفة.

واذا كان هذا هو الحال في انتخابات الكويت البرلمانية، فان الحال ليس مختلفا في بقية البلدان العربية، وفي بعضها لا توجد اعذار لأن المرأة حصلت على حقوقها السياسية منذ فترة طويلة، ومع ذلك فان نسبة فوزها في الانتخابات ضعيفة للغاية ان لم تكن منعدمة رغم كل ما يقال عن تحقيق مشاركة المرأة باعتبارها نصف المجتمع وثورة المعلومات والتعليم والعمل الى آخر ذلك.

وبدون شك فان هناك تقدما كبيرا تحقق خلال العقود الاخيرة في مشاركة المرأة وحصتها في سوق العمل والتعليم وحتى الانشطة الاجتماعية، وهناك ناشطات كثيرات برزن في العمل العام سواء المجتمعي او الفكري وحتى السياسي في الكثير من الدول العربية اضافة الى وجود نسبة محترمة كنساء اعمال، والمفارقة ان هناك وجودا نشطا للمرأة وسط التيارات السياسية الاسلامية التي يرفض بعضها وجودها في مواقع المسؤولية او العمل العام.

ورغم ذلك مازالت صناديق الاقتراع تخون المرأة، وهو وضع بكل المقاييس لا يستقيم لانه يعني تغييب نصف المجتمع عن المجلس او المجالس التي تعبر عن صوته.

وبرزت في مواجهة هذا الغياب المتكرر للمرأة عن التمثيل في المجالس التشريعية نظرية تمكينها أي منحها نسبة معينة من مقاعد المجلس المنتخب يجب أن تذهب للمرأة وبالتالي فانه لا يمكن للناخبين الا ان يعطوا اصواتهم لعدد من المقاعد لمرشحات، وان كان هذا النظام انسب للانتخابات بطريقة القوائم النسبية اكثر من نظام الدائرة الفردية.

وامام فكرة التمكين او تخصيص مقاعد معينة للمرأة والتي طبقت في دول نامية، هناك وجهة نظر معارضة ترى ان ذلك يحد من حرية الناخبين في حرية الاختيار، كما انه يعني تفرقة اكثر من المساواة. وهي اعتراضات جوهرية. لكن اذا كانت هناك ارادة لتسريع مراحل التطور وتعويد المجتمع على رؤية نشاط وتمثيل نسائي حيوي في مجالسه المنتخبة، فانه لا حل الا بتخصيص حصة الزامية للمرأة في هذه المجالس بما يعكس تمثيل المجتمع بشكل متوازن.