يا أمانة جدة

TT

في الوقت الذي تخطط فيه أمانة منطقة الرياض إلى استحداث تنظيم جديد لإصدار رخص البناء في نفس اليوم عبر برنامج «رخصة اليوم الواحد» بهدف التسهيل على المواطنين، وتخفيف إجراءات إصدار الرخص، وتطوير آليات العمل، وذلك بافتتاح 14 إدارة للرخص في البلديات الفرعية، نجد أمانة جدة تتجه إلى تعقيد المسألة بجعلها مركزية، وما يترتب على ذلك من تأخير وتعطيل وانتظار قد يستمر شهورا.. ولست أدري لماذا تعمل أمانات المدن هنا وكأنها في جزر معزولة، فلا تستفيد من بعضها البعض بتعميم التجارب الناجحة، وتبادل الخبرات المميزة؛ فمدينة جدة كمثال تعرضت لمجموعة كبيرة من التنظيمات المتصلة بالبناء بصورة لم تتعرض لها أي مدينة أخرى في السعودية، فلكل أمين تنظيماته الخاصة التي تنقض ما قبلها، حتى غدونا أمام مجموعة من التنظيمات المتلاحقة بعدد الأمناء الذين مروا على هذه المدينة، مع الأخذ في الاعتبار أن أعمار بعض أمناء هذه المدينة في مناصبهم قصيرة.

حينما جاء المهندس عادل فقيه من القطاع الخاص إلى أمانة المدينة بسجل حافل بالنجاح تفاءلنا كثيرا، فالرجل من القيادات الإدارية المشهود لها بالكفاءة والتميز، لكن يبدو أن مدينة جدة المثقلة بالكثير من التراكمات قادرة على إغراق أمنائها في بحر مشكلاتها المزمنة، التي تمتص طاقاتهم، وتبعثر جهودهم، وتعوق إسهاماتهم من الصعود إلى مستوى الرؤية..

أعرف أن للرجل خططه وتصوراته ورؤاه، ولكن كيف يمكن تبرير الفارق في موضوع تراخيص البناء ـ كمثال ـ بين برنامج «رخصة اليوم الواحد» في الرياض، وبرنامج «رخصة الشهور» في جدة؟!.. في الرياض يعتزمون افتتاح 14 إدارة للرخص في البلديات الفرعية، وفي جدة تسحب صلاحيات الرخص من البلديات الفرعية إلى جهة مركزية واحدة، ولست أدري هل هي أزمة ثقة بالبلديات الفرعية، أم هي أزمة كفاءات لا تتوفر إلا في الجهاز المركزي؟

أعرف أن مدينة جدة كانت المدينة الأسبق في التحديث ليس على مستوى السعودية فحسب، بل على مستوى منطقة الخليج بأكملها، ولكن توقفت دواليب قطارها عن الدوران، ومضت المدن الأخرى تواصل ركضها في مضمار التحديث والتخطيط والتجميل.. والمطلوب من أمانة جدة اليوم ليس إعادة دوران العجلة فحسب، ولكن تعويض المسافة أيضا بين جدة والمدن الأخرى.

[email protected]