البوذية هي أدب في السلوك!

TT

نحن نراه عاملا أو حكيما، أما حيثيات هذا الحكم له وعليه فهو أنه: راض بما هو فيه وقانع بالقليل الذي عنده.. أو بالقليل من الكثير الذي عنده. لا يهزه أي شيء ولا يبهره ولا يثيره، ولا يلعن نهاره ولا يمقت ليله.. يرى الزحام في الدنيا فلا يهم ولا يشارك. يرى الطمع والجشع والتعطش إلى السلطة بالحديد والنار والدم والفلوس.. كأنه يتفرج على فيلم قديم لكائنات خرافية.. فلا الفيلم يهمه ولا الناس أيضاً. ويهز رأسه بأن هذا لا يشغله.

فما الذي يشغل الحكيم؟

يشغله أن يكون هادئاً هانئاً هذا الهدوء يفيض عليه من داخله. فإذا حدث فإن الهناء يصبح المزاج النفسي والعقلي، ويضايقه جداً أن يسمع من يقول: إن هذا غني وهذا فقير.. وإن هذا مسيحي وذاك يهودي والآخر بوذي، فقد حذف هذه الكلمات من قاموسه اليومي. وينظر إلى كل الناس على أنهم إما معذبون يريدون أن يتخففوا من العذاب.. وإما أناس تخففوا من العذاب ويطمعون في مزيد من السعادة والتسامح والسلام وراحة البال.

ويرى أن المرأة أكثر شجاعة من الرجل.. فهي عندما تشعر بنقصها تتجمل بالأبيض والأحمر والأسود والأزرق، وتغير في سنها لأنها تريد أن تبدو شابة.. وإذا كانت قصيرة وقفت فوق الكعب العالي.. وإذا كانت بدينة خنقت خصرها بحزام غليظ. والرجل يرى عيوبه وليست عنده الشجاعة ولا الرغبة في إصلاحها. فهو لا يعالج جشعه وطمعه وغروره ونفخته الكذابة ثم النظر إلى ما في أيدي الآخرين وجيوبهم.

وإذا كانت المرأة قد وجدت العلاج لعيوبها الظاهرة، فالرجل يستطيع أن يجد علاجاً لعيوبه الخفية، والعلاج هو هذه البوذية. إنها ليست ديناً سماوياً أو أرضياً وإنما هي سلوك.. آداب في السلوك. تبدأ بأن يختصر الإنسان رذائله وينتقل بعد ذلك خطوة أخرى بأن يحترم عيوبه.. ويشتاق إلى علاجها بنفسه؛ بتصغير الدنيا من حوله فيشعر أنه أكبر من كل حاجاته المادية وأوهامه في القوة والسلطة والتسلط!

إن هذه المرتبة الرفيعة التي بلغها هذا الحكيم في هذا العالم الذي فقد عقله وقلبه، ليست إلا تجربة يومية سهلة الأداء عميقة الأثر سعيدة النهاية!