السوريون شطار.. وأنتم لا!

TT

نعم السوريون شطار، فقد باعوا العالم العربي الوهم. إذ أداروا مفاوضات على جانبين؛ واحدة من أجل استمرار احتلال لبنان، وترسيخ عملائهم وعملاء إيران، الذين يستخدمهم السوريون كورقة إلى حين. والمفاوضات الثانية مع إسرائيل.

الطريف أنه عندما أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم رسميا التصريحات التركية ـ الإسرائيلية عن المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، نقلت كثير من وسائل الإعلام العربية الخبر بصيغة «أعلنت سورية وإسرائيل بشكل مفاجئ اليوم...».

المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية ليست مفاجئة إلا لمن ارتضى الوهم، وقرر تصديق دمشق. فعندما خرجت صحيفتنا في 14 مايو 2008 بعنوان رئيسي يقول «لبنان يحترق.. وسورية تفاوض إسرائيل» وجهت لنا الاتهامات، لأن البعض يحكم على الأحداث من خلال عاطفته، وليس عبر المعلومات.

ولذا أقول اليوم أشغلتكم سورية في حرب صيف 2006 في لبنان باستخدام سياسة الصوت العالي، وما هو أسوأ من ذلك، من دون أن تفعل شيئا من أجل بيروت، وأشغلتكم على مدى العامين الأخيرين، باستخدام أوراق «أمل» و«حزب الله» و«حماس».

وها هي سورية تستمر في مسلسل توزيع التهم والتخوين والشتائم للدول العربية، حيث تتهم الدول العربية بأنها حين قابلت بوش أضاعت القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تفاوض فيه دمشق أولمرت عن الجولان فقط، وبذلك تكون قد قذفت بالقضية الفلسطينية إلى الهاوية.

أمر آخر مضحك عن حق، وهو وصف السوريين لعمرو موسى بالضيف الثقيل في الدوحة.. موسى الذي أشغلنا بالحديث عن الصف العربي، والحق العربي، وترطيب الأجواء مع دمشق! سورية لم تشغل العالم العربي في لبنان وحسب، بل إنها أشغلت العراقيين بأمنهم، وأذاقتهم الأمرّين، لتقدمهم على طبق من ذهب للإيرانيين الذين يفاوضون الأميركيين على العراق.

أشغلتكم سورية على أنها دولة ممانعة، وما هي إلا دولة مخادعة. لا خطأ في أن تستعيد دمشق الجولان، ولكن السؤال هو: هل من أجل أن تستعيد سورية أراضيها فعليها أن تحتل لبنان، وتعربد به، وتقوم بتفتيت المعسكر الفلسطيني، وتشتيته من الداخل؟

السوريون شطار لأنهم خدعوا الرأي العام العربي، المخدوع أصلا منذ قرابة ستين عاما، وبإرادته. كما لعبوا بعملائهم في لبنان، واستغلوهم أسوأ استغلال لتنفيذ أجندتهم، ففي الوقت الذي ينتظر فيه الإيرانيون و«حزب الله» نتائج التحقيق في عملية اغتيال عماد مغنية، خرجت لهم نتائج المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية.

ومن المهم الإشارة هنا إلى تصريح وزير الإسكان الإسرائيلي زئيف بويم يوم أمس تعليقا على مفاوضات بلاده مع السوريين حين قال إن «أي اتفاق يجب أن تكون له ثلاثة شروط مسبقة ربما تم التعبير عنها بالفعل أثناء المفاوضات غير المباشرة: إزالة مقر الإرهاب في دمشق، ووقف إمدادات السلاح لحزب الله، ووقف العلاقات الاستراتيجية بين سورية وايران».

السوريون شطار.. وأنتم لا، لأن دمشق قررت خداع العالم العربي الذي استجاب لخدعتها، وأحيانا رحب بها. كره إسرائيل جعلنا ننجر خلف الخدع، وبتنا نكره تل أبيب أكثر مما نحب قضايانا وأوطاننا.

[email protected]