بداية نهاية أحمدي نجاد

TT

كان الشهر الماضي شهرا سيئا بالنسبة للرئيس أحمدي نجاد، فقد بدا وكأنه وحيد. والوحيد الذي يؤيد أحمدي نجاد هو مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله خامنئي، الذي حاول مؤخرا التهوين من المواجهات بين أحمدي نجاد والآخرين ووصفها بأنها غير ذات مغزى. وقال إنه يجب علينا ألا نقلق من المشاكل بين السياسيين في الحكومة، في إشارة إلى الرئيس ورئيس مجلس الشعب.

هناك مثل إيراني يقول: «إن شاء الله قطة!». ولهذا المثل قصة وهي عن: «ولد استيقظ في ليلة من الليالي بسبب الضوضاء التي يسمعها من ناحية سقف غرفته. أيقظ أباه وقال له إنه يسمع أصواتا غريبة من أعلى. رد عليه الأب: «حبيبي الصغير، من الواضح أنه صوت قطة تمشي! وفي الصباح عرفوا أنه كان صوت لص يمشي! وأنه قد سرق مالهم والفرش الحريرية التي لديهم!».

لماذا يعيش أحمدي نجاد وحيدا؟ في الأسبوع الماضي استجاب لأفضل أصدقائه والمتحدث باسم مجلس الوزراء ووزير العدل، غلام حسين إلهام، الذي كان قد أرسل خطاب استقالته للرئيس.

قال أحمدي نجاد: «يجب أن نبقى وأن نتحلى بالتسامح، وعلينا أن نبدي حزننا لما حدث لأهل البيت. يجب أن نتذكر أن الإمام المهدي ما زال وحيدا!».

قبل أن يصله هذا الخطاب، ألقى أحمدي نجاد محاضرة في مدينة مشهد أمام عدد من رجال الدين. وكانت لديه أفكار غريبة عن العالم وإيران. قال مرشد الجمهورية الإيرانية إن العام الإيراني الجديد هو عام الثمرة الجديدة واتخاذ القرارات العظيمة. ولكن كانت أفكار أحمدي نجاد غير مسبوقة، ليس فقط فيما يتعلق بتاريخ إيران المعاصر ولكن في تاريخ العالم بمجمله.

زعم أحمدي نجاد في هذه الكلمة أن الإمام المهدي هو من يدير شؤون إيران والعالم بأسره. وهذا أمر غير مسبوق، فلم نسمع من قبل رئيسا يقول بهذا الزعم، الإمام المهدي يدير شؤون الدولة الإيرانية! حقا، إنها بداية النهاية لأحمدي نجاد.

ما فتئ أحمدي نجاد يتحدث عن الإمام المهدي. وعلى سبيل المثال، فقد زعم أنه عندما كان يلقي خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 كانت تحيط رأسه هالة من النور. ولكنه أنكر هذا الزعم، وبعد فترة ظهر وهو يقول ذلك ويمكن الحصول على هذا الفيديو من موقع «يوتيوب». هذه المرة يزعم أحمدي نجاد أن الإمام المهدي هو من يدير إيران.

قال أحمدي نجاد في كلمة له، يبدو أنه أدلى بها خلال الشهر الماضي، ولكنها ظهرت مؤخرا: «الإمام المهدي مسؤول عن العالم ونحن نرى يده في كل شؤون البلد. يجب علينا حل مشاكل إيران الداخلية في أسرع ما يمكن. فالوقت يمر. ويجب علينا أن نتولى مسؤولياتنا العالمية».

وقد انتقد ثلاثة من رجال الدين المشهورين كلمة أحمدي نجاد. أولا، آية الله مصباحي الذي قال: إذا كان أحمدي نجاد يريد أن يقول إن الإمام الغائب يدعم قرارات الحكومة، فهذا غير صحيح. ومصباحي هو المتحدث باسم جمعية رجال الدين المقاتلين المحافظة، وهي أبرز الجمعيات التي تدعم المحافظين في إيران.

كما قال رئيس الوزراء السابق آية الله مهداوي قاني، وهو السكرتير العام لجمعية رجال الدين المقاتلين وعضو مجلس الخبراء، في كلمة أمام بعض قادة الشيعة وخطباء الجمعة إنه على رجال الدين ألا يخافوا من رجل واحد وأن يقولوا الحق ابتغاء وجه الله. وأضاف: «بالنسبة لمشكلة الأسعار المرتفعة نشهد أن الحكومة تلقي باللائمة على البرلمان، وفي بعض الأحيان يلقى بعض البرلمانيين باللائمة على الحكومة، ولا نريد أن نتدخل في هذه الأمور. نحن نمثل الشعب ورجال الدين، ونعتقد أنه إذا هزمت المادية، فسيمكن التغلب على الكثير من المشاكل الاقتصادية».

وأضاف: «نحن جميعا مسؤولون (عن انتشار المادية) وليس من الممكن تحميل آخرين مسؤولية هذه الأمراض التي يعاني منها المجتمع». وفيما يتعلق بأحمدي نجاد، قال عضو مجلس الخبراء: «قلت للسيد أحمدي نجاد خلال أحد الاجتماعات إنه يجب ألا ينظر إلى رجال الدين على أنهم أداة، فنحن لسنا علماء السلطة الذين كانوا موجودين في الماضي، ولذا يجب عليه ألا ينتظر منا ثناء. وإذا تغنى أحد رجال الدين بمحامد شخص، فهو ليس رجل دين. فلا يوجد في بلدنا خير مطلق، ولذا لا أحد ينبغي أن ينتظر ثناء مطلقا».

وبعد أن زعم أحمدي نجاد أن الإمام المهدي هو من يدير شؤون إيران، قال السكرتير العام لجمعية رجال الدين المقاتلين، إنه حتى الخميني لم يقل بمثل هذا الزعم، وهل معنى هذا أن سعر الأرز الذي بلغ 50.000 ريال والتضخم المتزايد من إنجازات الإمام المهدي؟ لماذا يوجه أحمدي نجاد كلامه في هذا الاتجاه؟

ويطلب علي أصغري، وهو عضو حزب الله المحافظ في البرلمان، من الرئيس عدم ربط إدارة الدولة بالإمام المهدي. ويضيف أصغري: «من الأفضل لأحمدي نجاد أن يهتم بالمشاكل الاجتماعية مثل التضخم والشؤون الاقتصادية الأخرى».

وكل هؤلاء الذين وجهوا النقد لأحمدي نجاد من الجبهة المحافظة، ولهذا السبب سنشهد «غروب» شمس أحمدي نجاد قريبا. فقد تجاوز الخط الأحمر! فمنذ أكثر من 1000 عام زعم رجال الدين الشيعة أنهم يمثلون الإمام المهدي، ولذا فكيف يمكن أن نصدق أن أحمدي نجاد هو من يمثله؟ لا يوجد ما يسمح بهذا في التاريخ الشيعي.

وباختصار، فقد عجز أحمدي نجاد عن إدارة الأزمة الاقتصادية في إيران وبدلا من ذلك، فإنه يتعلق بقشة ويستخدم الإمام المهدي كوسيلة لحماية نفسه.