3 عسكريين من لبنان

TT

عرفنا في لبنان عسكريين في رئاسة الجمهورية؛ الأول، كان اللواء فؤاد شهاب، رجل ورع لا فسد ولا افسد. حاول بناء الدولة بكل ما اعطي من نية ومن قدرة ومن معرفة. استعان بكبار خبراء فرنسا. اقام علاقات متوازنة ومحترمة مع جميع الدول العربية. حاول دعم وتطوير الاماكن والمناطق الفقيرة والمحرومة. قرَّب اليه القضاة الذين رفضوا المعاملات التي قدمها كقائد للجيش، لأن فيها مخالفة للقانون. اشهرهم الياس سركيس الذي صار فيما بعد رئيساً، وفؤاد بطرس الذي صار وزيراً للعدل. يوم كان قائداً للجيش كان اقرب المدنيين المستشارين اليه، رجلاً في غاية الثقافة والذكاء والانصاف، يدعى تقي الدين الصلح. عندما وصل فؤاد شهاب الى الرئاسة اكتشف ان المسلمين مغبونون في وظائف القطاعين العام والخاص. وسارع الى رفع الغبن. واتهمه تجار السياسة في مسيحيته واخذوا ينشرون الاقوال بأنه «عاد الى اصله مسلماً». وسماه البعض محمد فؤاد شهاب.

ولم يلتفت فؤاد شهاب الا الى نفسه وقناعاته. وكان يعبر دوماً عن امتعاضه من اهواء السياسيين وفسادهم وسقطاتهم وتبدلهم السريع. ولم يخرج من لبنان الى اي بلد، لكي لا يقال انه سعى في سبيل هدية. ولم يخرج من منزله المتواضع الى مكان لكي لا يقال انه اختص احداً او اقتص من أحد. وكان (كما ذكرت هنا من قبل) يوزع راتبه الشهري ثلاثة اثلاث: ثلث للفقراء الذين لا يعرفهم. وثلث للمحتاجين من موظفيه وعائلاتهم. ويعيش على الثلث الباقي عيشة بسيطة، منها سجائر محلية الصنع. وعندما انتهت ولايته وحان وقت التجديد رأى ان المناخ الوطني لا يسمح بذلك، فتراجع واعتزل.

العسكري الثاني في الرئاسة كان اميل لحود.

كيف ستكون جمهورية العماد ميشال سليمان؟ انه ينتخب في ظروف تشبه الى حد بعيد الظروف التي جاء فيها فؤاد شهاب. وقد تغيرت منذ ذلك الوقت صلاحيات الرئيس وعدل الدستور، لكن الرئيس لا يزال هو الحكم. ومهمة الرئيس صعبة في الحالات العادية فكيف في هذه المرحلة. لكنني واثق ان الرئيس العتيد ينطلق من الاخلاقيات التي عمل بها فؤاد شهاب. واعتقد انه سوف يخلع البزَّة العسكرية عند باب القصر الجمهوري ولن يحوله مرة اخرى الى ثكنة. وواثق من انه سوف يحترم اليمين الدستورية والدستور والوطن.